التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

السلسلة الأولى لتطبيقات مقياس المدارس اللسانية "ثانية لسانس" للموسم 2021/2022:

 

المستوى: ثانية ليسانس                   السداسي: 04.           المقياس: مدارس لسانية .              د. جلول تهامي.

السلسلة الأولى لتطبيقات مقياس المدارس اللسانية  "ثانية لسانس"  للموسم 2021/2022:

توطئة:

الدراسات اللغوية في العصور القديمة:

 إنّ الدّراسات اللغويّة  بدأت  في العصور القديمة، حيث ظهرت محاولاتٌ لتفسير اللغة وتحليلها وتحديد أصولها:

01-                المصريون القدامى:  قرر ملك مصري أن يعرف اللغة الأولى في العالم، فعزل طفلين منذ ولادتهما، وتركهما بمعزلٍ عن العالم إلى أن ينطقا، ولمّا التقى الملك بهما نطقا بكلمة "بيكوس"، وعندها استخلص الملك أنّ اللغة الأولى في العالم هي اللغة الريجية، إذ تنتمي تلك الكلمة التي نطقا بها إلى اللغة الريجية، أمّا بالنسبة للكتابة فقد أرجعها المصريون القدماء إلى الإله "توت".

02-                الصينييون واليهود والهنود:  أرجع الصينيون القدماء نشأة اللغة إلى أحد الأمرين، إنّها من صنع الطّبيعة، أو إنّها من قبيل الاصطلاح والمناسبة بين الدّال والمدلول، أمّا اليهود فيرجعون اللغة إلى كونها توقيفا من الله، أمّا الهنود فقد اتّسمت أبحاثهم بالموضوعية؛ إذ إنّ هناك كثيرًا من النتائج التي خرجوا بها تُشبه ما جاء في علم اللسانيات الحديث، وقد كانت أشهر البحوث اللغوية الهندية على يد العلّامة الهندي الشهير Panini "بانيني"، الذي حلّل كل مظاهر اللغة السنسكريتية[1] وقَنّنها.

03-                 الإغريق: أمّا الإغريق فقد بدأت بحوثهم في القرن 06 ق م، ولعلّ أشهر باحثيهم: "بروثاغوراس" وأفلاطون" و"أرسطو"، ثمّ جاء بعد ذلك الرواقيون، والذين يُعدّون أهم مدرسة فلسفية بعد أرسطو، وقد عالجوا المسائل اللغوية حسب طبيعتها في فروع منفصلة ومنتظمة، وذلك كعلم النحو والبلاغة والدلالة والأسلوبية والصوتيات، وأعطوا أهميّة كبيرة لثنائيّة الشّكل والمعنى في دراسة اللغة.

04-            اللغة عند الإسكندريين والرومانيين: بعد ذلك، جاء الإسكندريون وامتدّ عهدهم من 300 إلى 150 ق. م، حيث بلغت الدّراسات الإغريقية أوجها فيه، وابتكرت فيه الكتابة الإغريقية التي ما زالت معروفة حتّى يومنا هذا، ثمّ جاء الرومانيون وبدأت المحاولات الرومانية في الكشف عن اللغة أيضًا، وظهر العديد من العلماء والمفكّرين والباحثين.

الدراسات اللغوية في العصور الوسطى:

 تمتد العصور الوسطى من 476 م إلى 1500م؛ أي منذ انهيار الإمبراطورية الرومانية إلى بداية عصر النهضة الأوروبية، وقد شهدت هذه المدّة أيضًا كثير من المحاولات العلميّة المتعلّقة باللغة، إذ اهتمّ الباحثون بوضع الشّروح للنصوص باللغات العامية المتنامية، وقد كتبوا أيضًا الكلمات اللاتينية عامّة، والصعب منها بشكلٍ خاص وإيجاد ما يقابلها من اللغات المحكيّة. أمّا عن الدراسات النحوية فقد التزم علماء هذا العصر بتطبيق ما جاء عن الإغريق، وإن كانت المرحلة الأولى من هذا العصر قد اتّسمت بالضّعف، إلّا أنّ المرحلة الثّانية ما بين 1100م إلى نهاية الحركة القروسطية قد شهدت تقدّمًا ملحوظًا في دراسة اللغة اللاتينية وتثبيت القواعد التقليدية المتّبعة اليوم.

الدراسات اللغوية في العصر الحديث:

 شهد العصر الحديث نشاطًا فكريًّا كبيرًا، كما زاد الاهتمام باللغة وبكلّ ما يتعلّق بها، من إحياء للهجات الأوروبية المتنامية، واكتشاف لغات جديدة، ووضع قوانين تحكم اللغات، والاهتمام بالآداب بأشكالها المختلفة. وتقننت في هذا العصر القواعد، فظهرت عدّة مؤلّفات تدور حول القواعد الأساسية للكتابة الصّحيحة والكلام الفصيح، وذلك على نحو ما ألّفه "إراسموس" في قواعد اللاتينية. وظهر العديد من المدارس اللغوية في هذا العصر، وأشهرها مدرسة "بور روايال"، وأُنشئت معاجم لغوية للاهتمام باللغات الوطنية، وجرتْ المحاولات لإنشاء لغة عالمية، وأجريت عدة دراسات حول علم الأصوات اعتمدها اللسانيون في أبحاثهم لاحقًا، فظهر منهج اللسانيات التاريخية، الذي يدرس اللغة الواحدة في إطار تطورها عبر الزمن. أيضًا ظهر المنهج المقارن[2] الذي يهدف للكشف عن القرابة الموجودة بين اللغات والنقاط التي تجمعها، وأيضًا هناك المنهج الفيلولوجي، وهذا المنهج يهدف إلى مقارنة النصوص المكتوبة داخل اللغة الواحدة عبر مراحلها التاريخية المختلفة.

لم يذكر الباحثون كثيرًا من الآراء حول نشأة اللسانيات في المراجع المكتوبة باللغة العربية، ولكن أشهر الآراء يقول إنّه قد ظهر مصطلح اللسانيات أول مرّة في ألمانيا، ثمّ استعمل في فرنسا سنة 1826م، بعد ذلك استعمل في إنجلترا ابتداءً من سنة 1855م. ثم ظهر مصطلح اللسانيات في الثقافة العربية المعاصرة ابتداءً من 1966م وذلك على يد عالم اللسانيات الجزائري عبد الرحمن الحاج صالح، الذي اقترح صيغة "لسانيات" على صيغة "رياضيات" التي تفيد العلمية.
نتيجة: تَبسط الظاهرة اللغوية أمام الفكر البشري منذ القديم صنفين من القضايا، فأما الأولى فتتمثل في عناصر اللغة باعتبارها نظاما مخصوصا له مكوناته الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية، لكل منها فرع مختص من فروع الدراسات اللغوية وهذا هو الجانب النوعي في دراسة اللغة باعتبار أن هذه العلوم متعلقة بكل لغة، وأما القضية الثانية فتتصل بالمشاكل المبدئية التي يواجهها الناظر في اللغة من حيث هي ظاهرة بشرية مطلقة.

فاللسانيات ليست هي العلم الوحيد الذي اتخذ من اللغة البشرية موضوعا للبحث، فهي لا تكتسب أهميتها من اكتشافها لمادة اللغة، وإنما من إقامتها جوهر تعريفها للظاهرة اللغوية على مفهوم العلامة، فهي تَعتبر اللغة ((مجموعة من العلاقات الثنائية القائمة بين جملة من العلامات المكونة لرصيد اللغة ذاتها...والعلامة تَشكُّل لا يستمد قيمته ولا دلالته من ذاته وإنما يستمدها من طبيعة العلاقات القائمة بينه وبين سائر العلامات الأخرى)).

لكن البحث في المسائل اللغوية يتدرج ((من تحديد الكلام وضبط خصائصه إلى تحسس نواميسه المحركة له حتى يقارب مسائل أكثر تجريدا وأبعد نسبية كقضية أصل اللغة، وعلاقة الكلام بالفكر، وتفاعل اللغة بالحضارة الإنسانية، فضلا عن مشكل الدلالة اللغوية ذاتها وكيف يحدث إدراك العقل لمعاني الألفاظ، وقد أوكل العرف البشري دراسة هذه القضايا إلى الفلاسفة منذ ازدهار الحضارة اليونانية حتى عد خوض اللغويين فيها تطرقا للماورائيات)).

ولذلك قامت اللسانيات المعاصرة على دعامتين أساسيتين هما:

ü    تحسس نواميس الكلم بطريقة علمية[3] بقطع النظر عن تجسده النوعي في لغة ما.

ü    السعي إلى إدراك الموضوعية[4] في تشريح الظاهرة اللغوية.

 






[1] هي لغة قديمة في الهند وهي لغة طقوس للهندوسية، والبوذية، لها موقع في الهند وجنوب شرق آسيا مشابه للغة اللاتينية واليونانية في أوروبا في القرون الوسطى. السنسكريتية هي إحدى الاثنتين وعشرين لغة رسمية للهند. تدرس في الهند كلغة ثانية .اللغة السنسكريتية Sanskrit هي إحدى أقدم اللغات التي أنتجت تراثاً دينياً وأدبياً وعلمياً مدوناً، وكلمة سنسكريت المشتقة من Samskrta تعني ما قُعِّد وصُقِل.

 

[2] أسس ويليام جونز William Jones علم اللسانيات المقارن (بالإنجليزيةCOMPARATIVE LINGUISTICS) في نهاية القرن 18 لدراسة وتحليل النصوص المكتوبة بلغات مختلفة لكنها ذات صلة، وأشار إلى وجود علاقة بين كل من اللغة اللاتينية، واليونانية، والسنسكريتية توحي بنشوئها من مصدر واحد نتيجة ما لاحظه من تشابه معاني (أصوات متشابهة) في اللغات الثلاث فعلى سبيل المثال كلمة frater اللاتينية، وكلمة phrater اليونانية، وكلمة bhratar في اللغة السنسكريتية تعني كلها (أخ) مما دفع بعض علماء اللسانيات لدراسة العلاقة بين اللغات المختلفة، والتفاعلات الناشئة عن حوار متحدثين من خلفيات ثقافية مختلفة، ومساعدة الراغبين في تعلم لغات غير لغتهم الأصلية بعدما.

[3] علم نظري يحاول رصد الظاهرة وتفسير القواعد التي تحكمها، وعلم تطبيقي يطبق القوانين النظرية على الحالات الجزئية.

[4] الموضوعية في البحث العلمي تجنُّب الباحث للتَّحيُّز الشخصي، وعدم إصدار الإحكام إلا بعد فحص ما لديه من أدلَّة وبراهين بتجرُّد وشفافية، وفي حالة غياب ذلك فسيُصبح البحث العلمي غير نزيه، ومُوجَّهًا لأغراض تنطوي على منافع ذاتية، ولن يُحدث الأثر المرجو منه، ويقال إن الباحث موضوعي بمعنى ينتهج الأسلوب الحيادي.

 

ليست هناك تعليقات