التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

التداولية اللسانية:

إن "التداولية اللسانية" (la pragmatique linguistique) لا تزال تتنامى في حقل الدراسات اللغوية منذ أن ألقى الفيلسوف أوستين (J. L. Austin) محاضراته الشهيرة المعروفة بــ "محاضرات وليم جيمسWilliam James " سنة 1955، والتي جُمعت ونُشرت بعد ذلك في كتاب أوستين "How to do things with words" (كيف تُصنع الأشياء بالكلمات) فأدخل مفهوما محوريا في التداولية هو مفهوم "الفعل الكلامي" المتشعب إلى ثلاثة أفعال متزامنة، وأعلن بذلك عن ولادة مفهوم إجرائي يبشر بمنهج جديد، فبيّن أن وظيفة اللغة ليست هي "وصف العالم" ولا "التواصل بين أفراده" فحسب، ولكن وظيفتها "الفعل والتفاعل والتغيير وتحقيق الأغراض التواصلية وإنجازها بالكلمات"، ثم أُثرِيت أفكار أوستين وفلسفته اللغوية بأعمال كل من غرايس (H. P. Grice) وسيرل (J. Searle) وتُوِّجت في مرحلة متأخرة بأعمال ديكرو (O. Ducrot)، وريكاناتي (F. Récanati)، وسبربر وولسن(Sperber /Wilson) ، وموشلر (J. Moeschler)، وغيرهم، حتى صارت التداولية في أيامنا تيارا لغويا مهيمنا على ساحة الدراسات اللغوية والأدبية العالمية، ومنها الساحة العربية.
لكن عملية نقل هذه المعرفة اللغوية الجديدة إلى العربية لم تكن متاحة بيسر وسلاسة بل اعترتها عيوب وتعثرات، على الرغم مما بُذل من جهود علمية كثيرة مخلصة، وهو أمر مفهوم، خاصة إذا استحضرنا أن التداولية في الغرب وُلدت ضمن برنامج معرفي ثري متداخل الاختصاصات، وأكبر ما أصابه التعثر - بلا شك - هو ترجمة مصطلحات هذا المنهج اللغوي والنظريات المندرجة فيه من اللغتين الفرنسية والإنجليزية إلى العربية. وعليه يتعين على الباحثين من طلبة العلم في أيامنا أن يقوموا بعملية مراجعة مستمرة لاختبار كفاءة المقابلات الترجمية المناسبة للمصطلحات التداولية التي اقترحت دون روية وعلى عجل لأن بعضها لا يصلح أن يكون بديلا معرفيا مكافئا صحيحا بسبب عدم مطابقته المفهومية للمصطلحات في لغاتها الأصلية.
ولهذا التعثر أسباب كثيرة يعود معظمها في تقديرنا إلى عدم استكمال أدوات الترجمة وشروطها، ومن أهم شروطها الإحاطة المعرفية بالموضوع والتخصص الدقيق، ومن العيوب المتفشية في بعض تلك الترجمات والتي يمكن رصدها، وبعضها لا يمكن قبوله أو التساهل معه،: ترجمة مصطلح أجنبي بمصطلح عربي يؤدي عكس معناه الذي وُضع له في لغته الأصلية، أو مسألة ترجمة كلمة واحدة أجنبية بجملة أو مجموعة كلمات...ولذلك نوافق تماما على قول من قال :[مشكلة الكتب اللسانية -مؤلفة ومترجمة - هي مشكلة مصطلحات].
د. مسعود صحراوي 2019/11/15.

ليست هناك تعليقات