التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

‌أ. الوظائف التركيبية:


أهم ما تم استكشافه في إسناد الوظيفتين الفاعل والمفعول في اللغة العربية يمكن تلخيصه في ما يلي:
اللغات بالنسبة إلى إسناد هاتين الوظيفتين فئات ثلاث: لغات لا تستدعي استخدام الفاعل ولا المفعول ولغات لا تستخدم إلا الفاعل ولغات يستدعي رصد بنيتها الصرفية التركيبية إسناد الفاعل والمفعول معا كاللغة العربية[1]، ويقصد بالوظائف التركيبية تحديدا الوظيفتان (فاعل، مفعول)، ويتم إسناد هاتين الوظيفتين إلى الحدود في الجملة وفق سلمية الوظائف الدلالية، وهي مفاهيم غير كلية بمعنى أنها غير واردة في كل اللغات الطبيعية، إذ تسند الوظيفتان التوجيهيتان حسب سلمية تختلف باختلاف اللغات، وفي العربية تسند وظيفة الفاعل إلى الحد المنفذ أو إلى الحد المستقبل أو إلى الحد المتقبل أو إلى الحدين اللاحقين الزمان والمكان على التوالي[2]، ((كان يحال على الوظائف التي تعنينا هنا في أدبيات النحو الوظيفي الأولى كما في نظريات لسانية أخرى، بمصطلح الوظائف التركيبية والمقصود بالأساس وظيفتا الفاعل والمفعول إلا أن هذا المصطلح عوض في الكتابات الأخيرة منذ "ديك" بمصطلح الوظائف الوجهية وهذا المصطلح أنسب لأنه يعكس مفهوم هذه الوظائف كما هو محدد داخل إطار نظرية النحو الوظيفي))[3].
وتسند هذه الوظائف بعد إتمام تحديد البنية الحملية عن طريق تطبيق قواعد معينة[4]، والوظائف الوجهية هي التي تسند إلى الحدود بالنظر إلى الوجهة التي ينطلق منها المتكلم في فحوى خطابه لتقديم الواقعة التي يتضمنها الخطاب.
وللوجهة المنطلق منها منظور رئيسي وآخر ثانوي، وعلى هذا الأساس تسند وظيفة الفاعل إلى الحد الذي يشكل المنظور الرئيسي في حين تسند وظيفة المفعول إلى الحد الذي يشكل المنظور الثانوي.
يكون الحمل دالا على واقعة وعدد من الحدود المشاركين في الواقعة، وتنطلق الواقعة من وجهة معينة لتنتقي الحدود لتكون إما منظورا رئيسيا، أو منظورا ثانويا، وإلى الحدين تسند الوظيفتان التركيبيتان (الفاعل)، و(المفعول)، وتبقى الحدود غير الوجهية دون وظيفة تركيبية[5]، وهي ترمز إلى الوجهة المعتمدة في تقديم الواقعة، كما في الجملتين الآتيتين:
-                   شرب زيد ماء.
-                   شُرب الماء.
ويرتبط إسناد الوظيفتين الفاعل والمفعول بنوع الوظائف الدلالية التي تحملها حدود البنية الحملية[6]، وعلى هذا تكون الوظيفتان التركيبيتان الفاعل والمفعول في النحو الوظيفي على الشكل الآتي[7]:
-                   وظيفة الفاعل تسند إلى الحد الذي يشكل المنظور الرئيسي للوجهة التي تقدم انطلاقا منها الواقعة الدال عليها محمول الحمل[8]، ومن هنا فوظيفة الفاعل تسند إلى الوظيفة الدلالية المنفذ، والمستقبل، والمتقبل[9].
-                   أما الوظيفة المفعول فتسند إلى الحد الذي يشكل المنظور الثانوي للوجهة التي تقدم انطلاقا من الواقعة الدال عليها محمول الحمل[10]، فوظيفة المفعول تسند إلى الوظائف الدلالية الآتية المتقبل والمستقبل[11].
ويمكن أن يلخص مفهوم الوجهة ومقتضياتها في الأسطر الآتية:[12]
-                  يدل محمول الحمل على واقعة تكون إما عملا أو حدثا أو وضعا أو حالة.
-                  تأخذ حدود الحمل وظائف دلالية تختلف باختلاف الدور الذي يلعبه كل حدّ بالنسبة للواقعة الدال عليها المحمول "شرب خالد شايا اليوم"، حيث يأخذ الحدان الموضوعان "حي، سائل" الوظيفتين الدلاليتين المنفذ والمتقبل بالتوالي، والحد اللاحق الزمان.
-                  تقدم الواقعة التي يدل عليها محمول الحمل حسب وجهة معينة أي حسب وجهة أحد حدود الحمل.
فالواقعتان المدلول عليهما في الجملتين[كسر الطفل الكأس، كُسر الكأس] مقدمتان من وجهة الحد المنفذ والحد المتقبل بالتوالي.
-                  تنقسم الحدود التي يتضمنها الحمل قسمين: حدودا تدخل في مجال الوجهة وحدودا لا تدخل في مجال الوجهة.
-                  تعد موضوعاتٍ الحدود التي تسهم في تحديد الواقعة أي الحدود التي يقتضيها المحمول إجباريا وتعد لواحقَ الحدود التي ينحصر دورها في تعيين أو تخصيص الظروف المحيطة بالواقعة بصفة عامة، وتعد موضوعاتٍ الحدود الحاملة للوظائف الدلالية الأخرى كالحد المكان والحد الزمان.
-                  تمتاز الحدود التي يقتضيها المحمول إجباريا بخضوعها لقيود التوارد، وبامتناع حذفها:
نامت هند، نام الكرسي، شرب خالد لبنا، شرب خالد خبزا.
نامت.....، شرب خالد......
-                  ((يميز ديك بين منظورين للوجهة التي تقدم انطلاقا منها الواقعة الدال عليها محمول الحمل: المنظور الرئيسي والمنظور الثانوي فالوجهة المقدمة انطلاقا منها الواقعة الكسر في الجملة السابقة تنقسم إلى منظورين اثنين: منظور رئيسي ومنظور ثانوي[13]، يشكل المنظور الرئيسي للوجهة في هذه الجملة الحد المنفذ الطفل ويشكل المنظور الثانوي الحد المتقبل الكأس))[14] .
والوظائف التركيبية في النحو الوظيفي وظيفتان اثنتان: الوظيفة الفاعل والوظيفةالمفعول[15]، ويمكن تعريفهما انطلاقا من الوجهة إذ تسند إلى الحدين الوجهيين اللذين يشكلان المنظور الرئيسي والمنظور الثانوي بالتوالي، تسند الوظيفة الفاعل إلى الحد الذي يشكل المنظور الرئيسي وتسند الوظيفة المفعول إلى الحد الذي يشكل المنظور الثانوي.
وهنا ((تسند الوظيفة الفاعل إلى الحد الذي يشكل المنظور الرئيسي للوجهة التي تقدم انطلاقا منها الواقعة الدال عليها محمول الحمل، وتسند الوظيفة المفعول إلى الحد الذي يشكل المنظور الثانوي للوجهة التي تقدم انطلاقا منها الواقعة الدال عليها محمول الحمل))[16] .
فالحدود الوجهية حدان اثنان الحد المسندة إليه الوظيفة التركيبية الفاعل، والحد المسندة إليه الوظيفة التركيبية المفعول، لكننا نلاحظ أن الحدود حصرت في حدين اثنين في حين أنه بالإمكان كما هو الشأن في نماذج لغوية أخرى إضافة وظائف تركيبية أخرى كالوظيفة "المفعول غير المباشر"، لكن من وظائف جمل اللغات الطبيعية وصف مشاهد معرفية، ((فالمتكلم حين يستعمل فعلا من الأفعال الدالة على الواقعة التجارية يستحظر المشهد التجاري برمته بجميع أطرافه، لكن الفعل المستعمل يفرض وجهة خاصة على هذا المشهد فينتقي من بين المشاركين في الواقعة مشاركين اثنين ليجعلهما منظوري الوجهة وبالتالي فاعلا ومفعولا كما يتبين في المقارنة بين الجمل الآتية:
-                   اشترى خالد عشر وردات.
-                   دفع خالد خمسين درهما ثمنا لعشر وردات.
-                   اشترى خالد عشر وردات من بائع الورد بخمسين درهما.
بالرغم من أن المشهد التجاري يقتضي بائعا ومشتريا ومبيعا أو مشترى وواجب البيع أو الشراء فإن مشاركين اثنين فقط يدخلان في مجال الوجهة المفروضة على المشهد :
ü                المشتري والمشترى كما في الجملتين الأولى والثالثة.
ü                المشتري وواجب الشراء كما في الجملة الثانية.
ü                البائع والمبيع كما في الجملتين: - باع خالد عشر وردات.
 -باع خالد عشر وردات لهند بخمسين درهما))[17].
لا يفوتنا هنا أن ننبه إلى ما يأتي:
                    ثمة فرق بين البنية الدلالية للجملة وبنيتها النحوية التركيبية، بحيث لا ضرورة في أن تتضمن البنية الثانية جميع عناصر البنية الأولى[18].
o                  يرتبط إسناد الوظيفتين التركيبيتين الفاعل والمفعول بنوع الوظائف الدلالية التي تحملها حدود البنية الحملية.
                    ((والحدود التي يمكن أن تسند إليها الوظيفة التركيبية الفاعل هي الحدود الحاملة للوظائف الدلالية المنفذ "أو القوة أو المتموضع أو الحائل"، والمستقبل والمتقبل والمكان والزمان والحدث وأن هذه الوظيفة يمتنع إسنادها إلى غير هذه الحدود))[19].
                    إسناد الوظيفة الفاعل يخضع لسلمية معينة تقتضي بأن هذه الوظيفة تسند حسب درجات الأولوية إلى الحد المنفذ وما يحاقله ثم إلى الحد المستقبل ثم إلى الحد المتقبل فأحد الحدود الحاملة للوظائف الدلالية المكان والزمان والحدث.
                    الوظيفة المفعول يجوز إسنادها حسب درجات الأولوية إلى الحد المستقبل والحد المتقبل وأحد الحدود الحاملة للوظائف الدلالية المكان والزمان والحدث.



[1] )  المتوكل أحمد، المنحى الوظيفي في الفكر اللغوي العربي الأصول والامتداد، دار الأمان، الطبعة الأولى، الرباط، 2006، ص92.
[2] ) المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية المكونات أو التمثيل الصرفي التركيبي، دار الأمان، دون ط، الرباط، 1995، ص 202.
[3] )  المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية بنية الخطاب من الجملة إلى النص، دار الأمان، دون ط، الرباط، 2001، ص 107.
[4] )  المتوكل أحمد، اللسانيات الوظيفية مدخل نظري، دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الثانية، بنغازي، 2010، ص 149.
[5] )  المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية بنية الخطاب من الجملة إلى النص، دار الأمان، دون ط، الرباط، 2001، ص 150.
[6] )  المتوكل أحمد، من البنية الحملية إلى البنية المكونية الوظيفة المفعول في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987، ص23.
[7] )  المتوكل أحمد، اللسانيات الوظيفية مدخل نظري، دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الثانية، بنغازي، 2010، ص 150.
[8] ) المتوكل أحمد، من البنية الحملية إلى البنية المكونية الوظيفة المفعول في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987، ص19.
[9])  المتوكل أحمد، من قضايا الرابط في اللغة العربية، منشورات عكاظ، دون ط، المغرب، 1987، ص 470.
[10] ) المتوكل أحمد، من البنية الحملية إلى البنية المكونية الوظيفة المفعول في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987، ص 19/20.
[11] ) المتوكل أحمد، من قضايا الرابط في اللغة العربية، منشورات عكاظ، دون ط، المغرب، 1987،ص 490.
[12] )  المتوكل أحمد، من البنية الحملية إلى البنية المكونية الوظيفة المفعول في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987، ص 17/18/19.
[13] )  المتوكل أحمد، اللسانيات الوظيفية مدخل نظري، دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الثانية، بنغازي، 2010، ص 150.
[14] )  المتوكل أحمد، من البنية الحملية إلى البنية المكونية الوظيفة المفعول في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987، ص 18.
[15] )  المتوكل أحمد، اللسانيات الوظيفية مدخل نظري، دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الثانية، بنغازي، 2010، ص 148.
[16] ) المتوكل أحمد، من البنية الحملية إلى البنية المكونية الوظيفة المفعول في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987، ص 19.
[17] ) المتوكل أحمد، من البنية الحملية إلى البنية المكونية الوظيفة المفعول في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987، ص 20.
[18] )  المتوكل أحمد، اللسانيات الوظيفية مدخل نظري، دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الثانية، بنغازي، 2010، ص 148.
[19] )  المتوكل أحمد، من البنية الحملية إلى البنية المكونية الوظيفة المفعول في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987، ص 20.


ليست هناك تعليقات