التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

مفهوم الأسلوبية :


تعددت تعريفات العلماء للأسلوبية وتنوعت  وبينها تباين من حيث الصياغة والمنطلقات وهي مستوحاة من الأسلوب ولعنا نأخذ لمحة تاريخية عن هذا المصطلح .

لقد عرف مصطلح الأسلوب قديما عند العرب كما عرف عند غيرهم  وهو في المعجم العربي يعني: السطر من النخيل وكل طريق ممتد , والأسلوب هو الطريق والمذهب , والجمع أساليب [1].

وقد استخدم علماء العربية هذا اللفظ في دلالات اصطلاحية متعددة , فقد ذكر ابن قتيبة مصطلح الأسلوب  في قوله :"إنما يعرف فضل القرآن من كثر نظره واتسع علمه وفهم مذاهب العرب وافتنانها في الأساليب ".

كما ذكره الخطابي في معرض حديثه عن إعجاز القرآن "وهنا نوع من الموازنة وهو أن يجري أحد الشاعرين في أسلوب من أساليب الكلام وواد من أوديته ويقول الباقلاني في حديثه عن الإعجاز أيضا :"وقد بينا في الجملة مباينة أسلوب نظم القرآن جميع الأساليب ومزيته عليها في النظم والترتيب "[2].

والذي يظهر من سياق كلامهم أنهم لا يستخدمون مصطلح الأسلوب بالمعنى المستخدم الآن وإنما يعنون به الطريقة الخاصة في النظم والسمة المميزة لكلام عن كلام آخر وهذا يفيدنا أن أصل اللفظ وشيء من المعنى كان موجودا عند علمائنا الأوائل قديما .

وقد تطرق عبد القاهر الجرجاني للأسلوب فقال في تعريفه:فقال هو" الضرب من النظم والطريق فيه "[3] كما تعرض له الحازم القرطاجني وابن خلدون وهذا كله مما يؤكد وجود أصل هذا المصطلح قديما .

أما عن الأسلوب عند الأوروبيين قديما فقد كان من عهد أرسطو ومن بعده  وكانت تستخدم أصلا للقلم والريشة ثم استخدمت لفن النحت العمارة ثم دخلت في مجال الدراسات الأدبية , حيث صارت تعني أي طريق خاص لاستعمال اللغة بحيث تكون هذه الطريقة صفة مميزة للكاتب أو الخطيب[4] .

أما عن الأسلوب في العصر الحديث فإنه يعرّف بعدة تعريفات نظرا لتعدد الاعتبارات وهي على النحو الآتي[5] :
1-     باعتبار المرسل أو المخاطِب:
هو التعبير الكاشف لنمط التفكير عند صاحبه ولذلك قالوا الأسلوب هو الرجل .
2-     باعتبار المتلقي والمخاطب :
هو سمات النص التي تترك أثرها على المتلقي أيا كان هذا الأثر .
3-     باعتبار الخطاب :
هو مجموعة الظواهر اللغوية المختارة الموظفة المشكلة عدولا , وما يتصل به من إيحاءات ودلالات .

أما عن الأسلوبية في العصر الحديث :
فهي كما يقول مؤسسها الأول شارل بالي : علم يعنى بدراسة وقائع التعبير في اللغة المشحونة بالعاطفة المعبرة عن الحساسية .[6]
ويقول عبد السلام المسدي عن هذا المصطلح أنه مركب من جذر " أسلوب " ولاحقته "ـته" فالاسلوب ذو مدلول إنساني ذاتي واللاحقة تختص بالبعد العلماني العقلي الموضوعي[7] .
وعرفها جاكبسون[8] : بأنها بحث عما يتميز به الكلام الفني عن بقية مستويات الخطاب أولا عن سائر أصناف الفنون الإنسانية ثانيا [9].

وقد حاول أحد الباحثين أن يجمع هذه التعريفات في تعريف واحد فقال: هي جملة الصيغ اللغوية التي تعمل على إثراء القول وتكثيف الخطاب وما يستتبع ذلك من بسط لذات المتكلم وبيان التأثير على السامع.

ومن هنا يتضح لنا الفرق بين الأسلوب والأسلوبية (علم الأسلوب) وهي كما يلي[10]:
v   الأسلوب وصف للكلام , أما الأسلوبية فإنها علم له أسس وقواعد ومجال .
v   الأسلوب إنزال للقيمة التأثرية منزلة خاصة في السياق , أم الأسلوبية فهي الكشف عن هذه القيمة التأثرية من ناحية جمالية ونفسية وعاطفية .
v   الأسلوب هو التعبير اللساني والأسلوبية دراسة التعبير اللساني .
ملحوظة:من العلماء من قال بأن مصطلح"علم الأسلوب" مرادف للأسلوبية ومنهم من فرق فقال بأن علم الأسلوب يقف عند تحليل النص بناء على مستويات التحليل وصولا إلى علم بأساليبه .

أم الأسلوبية فهي تتجاوز النص المحلل المعلومة أساليبه إلى نقد تلك الأساليب بناء على منهج من مناهج النقد المعروفة [11], ولكن الذي يظهر أن الفرق بينهما ضئيل جدا وأنهما يلتقيان في كثير من الجوانب .


[1] لسان العرب  لابن منظور, دار صادر ,بيروت,ط1 , 2000م , مادة(سلب) ص225.
[2] ينظر اللغة والإبداع مبادئ علم الأسلوب , شكري عياد ,ص13, الطبعة الأولى 1988م.  
[3] دلائل الإعجاز, عبد القاهر الجرجاني . تحقيق محمود شاكر ,مكتبة الخانجي القاهرة 1404هـ ص469.
[4] ينظر الأسلوب والأسلوبية بين العلمانية والادب الملتزم بالإسلام,د.عدنان النحوي , دار النحوي ,ط1 ,1419هـ ,ص 145.
[5] ينظر النقد الأدبي الحديث أسسه الجمالية ومناهجه المعاصرة روية إسلامية, أ.د.سعد أبو الرضا ,ط2, 1428هـ ص117, وفي الأسلوب والأسلوبية, محمد اللويمي , ص16.
[6] في الأسلوب والأسلوبية ,محمد اللويمي .مطابع الحميضي ط1 , ص42.
[7] الأسلوب والأسلوبية , عبد السلام المسدي الدار العربية للكتاب, تونس 1397هـ.
[8] ولد بموسكو سنة 1896م واهتم باللهجات الفولكلور واطلع على أعمال سوسير وأسس النادي الألسني بموسكو وعنه تولدت مدرسة الشكليين الروس , تنقل بين عدد من الدول واستقر أخيرا في أمريكا في جامعة هارفارد وهناك رسخت قدمه في التنظير للألسنية (الأسلوب والأسلوبية , عبد السلام المسدي, ص242)
[9] المرجع السابق ص33.
[10] ينظر في الأسلوب والأسلوبية , محمد اللويمي ,ص42,والأسلوب والأسلوبية لعدنان النحوي ص156.
[11] الأسلوبية الرؤية والتطبيق ,أ.د.يوسف أبو العدوس , دار المسيرة ط1, 1427هـ , ص37.

ليست هناك تعليقات