من غريب دعاء الأعراب:
عن صاحب العقد الفريد:
....وقال: وسمعتُ أعرابياً يقول في دُعائه: اللهم إنَّ ذُنوبي إليك لا تَضرّك وإن ر حمتك إياي لا تنقصك فاغفر لي ما لا يَضرُك وهَب في ما لا يَنْقصك.
قال: وسمعت أعرابياً وهو يقول في دُعائه: اللهم إني أسألك عَمل الخائفين وخوفَ العاملين حتى أتَنَغَم بتَرْك النَعيم طَمعاً فيما وَعدت وخَوْفاً مما أوْعدت.
اللهم أعِذْني من سَطَواتك وَأجِرْني من نِقْمَاتك سَبَقت لي ذُنوب وأنتَ تَغْفِر لمن يتوب إليك بك أتَوَسَّل ومِنْك إليك أفِرّ.
قال: وسمعتُ أعرابياً يقول: اللهم إنَ أقواماً آمنوا بك بألسنتهم ليَحْقِنُوا دماءَهم فأدْرَكوا ما أمَّلوا وقد آمَنّا بك بقِلوبنا لتُجِيرَنا من عَذابك فأدرك بنا ما أمَّلنا.
قال: ورأيتُ أعرابياً متَعَلِّقاً بأستار الكَعْبة رافعاً يَديه إلى السماء وهو يقول: رَبّ أتُرَاك مُعَذِّبَنا وتَوْحِيدُك في قَلوبنا وما إخالك تفَعل ولئن فعلتَ لَتَجمعننا مع قوم طالما أبْغضناهم لك.
الأصمعي قال: سمعتُ أعرابياً يقول في صَلاَته: الحمدُ للّه حَمْداً لا يَبْلَى جَدِيدُه ولا يُحمى عَدِيدُه ولا تُبْلغ حُدوده.
اللهم اجعل الموتَ خيرَ غائب نَنْتظره واجعل القبرَ خير بَيْت نَعْمُره واجعل ما بعده خيراً لنا منه.
اللهم إنّ عينيّ قد اغْرَوْرقتا دُموعاً من خَشْيتك فاغفر الزلَّة وعُدْ بِحِلْمك على جَهل مَن لم يَرْجُ غيرَك.
الأصمعي قال: وَقف أعرابيّ في بَعض المواسم فقال: اللهم إنّ لك عليّ حُقوقاً فَتَصدّق بها علِىّ وللناس قِبلى تَبِعاتٍ فتَحمّلها عنّي وقد وَجَب لكل ضَيْف قِرَى وأنا ضَيفُك الليلة فاجعل قِراي فيها الجنَّة.
قال: ورأيتُ أعرابياً أخذ بِحَلْقَتي باب الكَعْبة وهويقول: سائلُك عَبْد ببابك ذهبت أيامُه وبقيت آثامه وانقطعت شَهوتُه وبقيت تَبِعته فارضَ عنه وإن لم تَرْضَ عنه فاعفُ عنه فقد يعفو المولى عنِ عبده وهو عنه غيرُ راض.
قال: ودعا أعرابيّ عند الكعبة فقال: اللهم إنه لا شرَف إلا بفَعال ولا فعال إلا بَمال فأعْطِنيِ ما أسْتعين به على شرَف الدُّنيا والآخرة.
قال زيدُ بن عُمر: سمعت طاووساً يقول: بينا أنا بمكة إذ رُفعتُ إلى الحجّاج بن يوسف فَثَنَى لي وساداً فجَلستُ فبينا نحن نتحدّث إذ سمعتُ صوتَ أعرابيّ في الوادي رافعاً صوتَه بالتَّلبية فقال الحجّاج: عليّ بالمُلبِّي فآُتي به فقال: ممن الرجل قال: مِن أفناء الناس قال: ليس عن هذا سألتُك قال: فعمّ سألتَني قال: من أيّ البُلدان أنت قالت: من أهل اليمن قال له الحجّاج: فكيف خَلّفت محمدَ بن يوسف يعني أخاه وكان عاملَه على اليمَن.
قال: خَلَّفته جَسيماً خرّاجاً ولاّجا قال: ليس عن هذا سألتُك.
قالت: فعمّ سألتني قال: كيف خلًفت سيرتَه في الناس قال: خلفتُه ظَلُوماً غَشُوماً عاصياً للخالق مُطيعاً للمَخْلوق.
فازْورَّ من ذلك الحجاج وقال: لما أقدمك على هذا وقد تعلم مكانه مني فقال له الأعرابي: أفتراه بمكانه منك أعز مني بمكاني من اللّه تبارك وتعالى وأنا وافدٌ بَيْته وقاضٍ دَيْنه ومُصدّق نبيّه صلى الله عليه وسلم قال: فوجَم لها الحجّاج! ولم يدر له جواباً حتى خَرج الرجل بلَا إذن.
قال: طاووس: فتبعتُه حتى أتي المُلتزَم فتعلق بأستار الكعبة فقال: بك أعوذ وإليك ألُوذ فاجعل لي في اللهف إلى جوارك الرِّضا بضمانك مندوحةً عن مَنْع الباخليين وغنى عما في أيدي المُستأثرين.
اللهم عُد بِفَرجك القريب ومَعْروفك القديم وعادَتك الحَسَنة.
قال طاووس: ثم اختفى في الناس فألفيتُه بعَرفات قائماً على قَدَميه وهو يقول: اللهِم إن كنتَ لم تَقْبل حَجِّي ونَصَبي وتَعبي فلا تَحْرِمنيِ أجر المُصاب على مُصيبته فلا اعلم مصيبةً أَعْظَمَ ممّن وَرَد حَوْضك وانصرف مَحْروماً من سَعة رَحمتك الأصمعي قال: رأيتُ أعرابياً يَطُوف بالكَعبة وهو يقول: إلهي عَجّت إليك الأصواتُ بضروب من اللُّغات يَسْألونك الحاجات وحاجَتي إليك إلهي أنْ تَذْكرني على طُول البلاء إذ نَسِيَني أهلُ الدنيا.
اللهم هَب لي حَقّك وأَرْض عنّي خَلْقك.
للهم لا تُعْيني بطَلب ما لم تقُدّره لي وما قَدَرْته لي فَيَسِّرِه لي.
قال: وَدَعَتْ أعرابية لابن وَجّهته إلى حاجة فقالت: كان اللّه صاحبَك في أمرك وخَلِيفَتك في أهلك ووليَّ نُجْح طَلِبتك امْض مُصاحَباً مَكْلًوءاً لا أشْمت اللهّ بك عَدوّا ولا أرى مُحبّيك فيك سُوءاً قال: ومات ابنٌ لأعرابي فقال: اللهم إني وهبتُ له ما قَصّر فيه مِن بِرّى فَهب له ما قَمرّ فيه من طاعتك فإنك أجْود وأكرم.
ليست هناك تعليقات