التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

السلسلة الثالثة لتطبيقات مقياس فلسفة اللغة "أولى ماستر" للموسم 2023/2022:

 

المستوى: أولى ماستر  لسانيات عربية   السداسي: 01.     المقياس: فلسفة اللغة .      د. جلول تهامي.

السلسلة الثالثة لتطبيقات مقياس فلسفة اللغة  "أولى ماستر"  للموسم 2023/2022:

فلسفة اللغة عند فيتغنشتاين[1]:

يقول: "إن الفكر هو الرسم المنطقي للواقع. والرسم نموذج للعالم الخارجي… والقضيّة لا تُثبِت شيئاً إلا بقدر ما هي رسم له. والقضايا يمكن أن تكون صادقة أو كاذبة من حيث كونها وصفاً لواقعة من الوقائع؛ إذ اللغة تنحل إلى قضايا، وكذلك العالَم ينحل إلى وقائع، والقضاياّ تنحل إلى قضايا أوليّة، والوقائع تنحل إلى وقائع ذريّة، والقضايا الأوليّة مكونة من أسماء بسيطة لا يمكن تعريفها بغيرها، ولكنّها تشير مباشرة إلى أشياء، وكذلك الوقائع الذريّة تتكون من أشياء بسيطة لا يمكن تحليلها بل يمكن تسميتها فقط".

تحليل فتغنشتاين هو تحليل العالم وتحليل اللغة، فالعالم له بنية واللغة أيضًا لها بنية كذلك، والعالم مكون من مجموعة من الوقائع، وتتألف الوقائع من حالات وتفاصيل الواقع، وتتألف حالات الواقع من أشياء وهكذا. أما اللغة فهي مجموع القضايا، وتتألف القضايا من قضايا أولية وتتألف القضايا الأولية من أسماء؛ فتحليل العالم ينتهي بنا إلى أشياء، وتحليل اللغة ينتهي بنا إلى أسماء، والعلاقة بينهما تتمثل في كون «اللغة هي صورة للعالم»؛ فوظيفة اللغة ليست إلا تصويرًا للعالم الخارجي.

كان فتغنشتاين يطمح إلى إمكان تحليل جميع القضايا إلى مكونات نهائية بسيطة لا تقبل مزيدًا من التجزيء ولذلك سُمِّيَت نظريته "الذرية المنطقية"  logical atomism وهي تشترك في الكثير مع نظريات أسبق منها عن المكونات النهائية البسيطة التي قال بها العقلانيون rationalists. وهذه الفكرة هي أساس جميع محاولات وضع لغة كاملة تعبِّر عن كل شيء بأقصى درجة من الدقة. أمَّا في المرحلة المتأخرة[2] فقد أنكر فتغنشتاين إمكان إيجاد مثل هذه اللغة.

ذهب فتغنشتاين إلى ضرورة أن يعود الفلاسفة إلى اللغة العادية وأن يتخلّوا عن أية محاولةٍ لإقامة لغةٍ مثالية؛ ذلك لأن المشكلات الفلسفية تنشأ في نظره من سوء استخدام الفلاسفة للغة العادية أو تجاهلها، واستخدام الألفاظ بمعانٍ بعيدة كل البعد عن الاستخدام المألوف. إنهم عنده مرضى مصابون بِداء القلق والحيرة والوهم بسبب استخدامهم لغةً فنيةً اصطلاحيةً تُلصِق بالألفاظ معانيَ غريبة من خلق عقولهم ولا أساس لها في الاستخدام العادي، مما أوقعهم في مآزق فكرية. ورأى فتغنشتاين أن مهمة الفيلسوف الجديدة هي نوع من «العلاج الفلسفي» لهؤلاء المرضى الذين تسيطر على أذهانهم نماذجُ لغوية معينة، وأن علاجهم هو في عودتهم إلى اللغة العادية وصياغة المشكلات الفلسفية في إطارها، بحيث نَحل المشكلة حلًّا أفضل أو يتبين لنا أنها مشكلة وهمية لا وجود لها إلا في عقول الفلاسفة.

يمكن تلخيص الفكرة الأساسية لنظرية فتغنشتاين المتأخرة في أن «معنى أية كلمة هو طريقة استخدامها». وهو يستخدم تشبيه "الألعاب اللغوية" language games لكي يُبَيِّن فكرة أن المعنى هو طريقة الاستخدام. إن الاستخدام الفعلي لجزء معين من اللغة هو أشبه بلعبة كالشطرنج مثلًا. ولهذه اللعبة قواعد معينة ينبغي على كل من يمارسونها أن يراعوها. كما أن هناك قيودًا معينة على الحركات المسموح بها. إننا حين نتعلم كيف نلعب عددًا من الألعاب اللغوية المتنوعة نكتسب معنى الكلمات عن طريق استخدامها ومن خلاله … وبتعبير آخر: إننا نتعلم النحو grammar أو المنطق الخاص بكلمةٍ معينة وهكذا فإن إثارة المشكلات الميتافيزيقية ينجم عندئذٍ عن نقص في إدراك «النحو» الخاص بالكلمات؛ ذلك لأننا بمجرد أن نفهم القواعد فهمًا صحيحًا لا تظل لدينا رغبة في طرح مثل هذه الأسئلة بعد أن يكون «العلاج اللغوي» قد شفانا من هذه الرغبة، إن اللغة العادية تكفي، وإنما تنشأ المشكلات الفلسفية عن سوء الاستخدام.

النحو في نظر فيتغنشتاين:

      ü            لا يتعلق النحو بالتركيب كما يمكن أن نتوقع بل بالدلالة فالقواعد النحوية لا تحدد العلاقات بين الألفاظ كما هو الحال في تعريف وظيفة النحو المتعارف عليها بل العلاقات بين اللغة وبين والواقع أي ما يناسب علم الدلالة وليس التركيب.

      ü            إننا نميل الى التمييز بين قواعد النحو التي تربط بين  اللغة والواقع و تلك التي لاتفعل ذلك.

      ü            لايقول النحو شيئا عن الكيفية التي يجب أن تبنى بها اللغة حتى تحقق الغرض منها وحتى تؤثر في الإنسان بطريقة كذا أو كذا،  هو يصف استعمال العلامات فقط دون أن يفسرها بأية طريقة فنفهم أنه يجعل مهمة النحو مرتبطة بصفة مباشرة بالتركيب أو حتى بالتصريف فكل ما يقوله مرتبط بصناعة المعنى في الاستعمال إن صح التعبير لأن مفهوم الاستعمال يؤدي دورا محوريا في فلسفة المرحلة الثانية، بهذا المعنى " أن تفهم مدلول لفظة يعني أن تعرف الامكانات النحويه لاستعمالاتها".

      ü            إن التأرجح في النحو بين المعايير والعوارض يوهم بوجود العوارض فقط دون المعايير فالعوارض تعرفنا الظواهر بالتجربة والمعايير  تقيسها وتحددها.

ولكن ما هو سبيلنا الى المعايير والعوارض في هذا التأرجح والإبهام  إذا كان مدلول اللفظة مقترنا باستعمالها في الجملة أو القضية التي تحددها قواعد نحو هذا الاستعمال يصبح من الواجب إذا إما أن نحدد النحو أو أن نعطي قائمة بكل الاستعمالات الممكنة أو غير الممكنة حتى نبين حدود المعنى.

 لكن علينا أن نعرف أنه:

 لاوجود لشيء اسمه نحو شامل. ولا سبيل إلى جدول يضم كل الاستعمالات لأنها ببساطة لا تحصى وتتغير عبر الزمن فتبلى القديمة وتظهر أخرى جديدة.

    ü            تخطيء النحو الصوري والعزوف عن نتائجه ليس هو الغاية من النقد الموجه إليه، وإنما الغاية من نقد النحو الصوري الشكلي الحصول على إجابة شافية للسؤال الآتي

- هل الجملة كبنية مجردة ومعزولة كافية لاستكناه خصائص ظاهرة لغوية معينة، واستنباط المعايير التي تضبط كلام الناطقين باللسان الواحد؟   هذا التساؤل يجرنا لتساؤل آخر مفاده ماذا بعد الجملة إلا النص؟

 

    ü            عندما نعرض على شخص ما قطعه الملك في لعبه الشطرنج ونقول له "هذا هو الملك" فإننا لا نفسر له بذلك استعمال تلك القطعة إلا إذا كان الشخص يعرف قانون اللعبة ما عدا هذه الخاصية الأخيره شكل الملك ويمكن أن نتصور أنه قد تعلم قواعد اللعبة دون أن يرى فعليا أيا من القطع في هذه الحالة يطابق شكل قطعة الشطرنج هنا نغمة  اللفظة أو تشكلها.

    ü            هل تستطيع الآلة التفكير؟  هل يمكن لها أن تشعر بالألم؟ حسنا. هل ينبغي أن نسمي الجسم البشري آلة من هذا النوع؟ إنه في الحقيقة أقرب ما يكون من الآلة.

ولكن الآلة لا تستطيع فعلا أن تفكر ،هل هي قضية تجريبية؟ طبعا لا . نحن نقول فقط عن الانسان والكائنات التي تشبه أنها تفكر.

 

مفاهيم نحوية عند العرب للتوضيح:

01_  الإسناد رابطة ذهنية معنوية تضم الإخبار والإنشاء والوقوع واللاوقوع.

02_  يشمل القول على عنصرين يشير احدهما إلى مضمون الآخر ويشير الآخر إلى مشارك إيجابي أو سلبي.

03-  توزعت دراسة المعنى الوظيفي عند العرب القدامى بين النحو والأصول والبلاغة بيد أن النحو هو صاحب الاختصاص وتقوم البلاغة والأصول ببناء ثلاثة عوامل أساسية لمعرفة المعنى الوظيفي النحوي.

_ العمل + المعنى (المعجمي+الدلالي) = المعنى الوظيفي النحوي.

04_  اشتغل العرب بعمل الجملة بعضها في بعض عن البحث في التأليف والربط وما تحدثه المفردات والصيغ والتقديم والتأخير وما تؤديه هذه الأخيرة من معاني النسبة والتأليف.

فصار عندهم وظيفة الأداة "العامل" إحداث الرفع والنصب والجزم والجر في معمولاتها فضاعت المعاني الوظيفية في ركام العوامل والمعمولات.

05- دلالة الفعل على فاعله تنطوي في الفعل ذاته أي يتضمن الإشارة إلى مسند إليه.

 فلسفة اللغة واللسانيات:

الثورات المتعاقبة في الدرس اللساني المعاصر وإن اختلفت مشاربها فهي تخرج من مشكاة واحدة هي فلسفة اللغة، ولعل أهم ما يدور البحث حوله في فلسفة اللغة "المعنى".

 إذ ((ترجع أهمية المعنى وضرورة البحث فيه إلى أن لدى الفيلسوف والمنطقي رهطا من الأسئلة لا يستطيع تناولها دون أن تكون لديه فكرة واضحة عن المعنى، ومن أمثلة هذه الأسئلة:

كيف يتعلم الأطفال معاني الكلمات؟

 ما العلاقة بين اللفظ والمعنى؟

كيف تتغير معاني الكلمات حين تتطور اللغات؟

 هل لاسم العلم معنى غير مسماه؟

 هل لكل كلمة معنى واحد محدد أم لها عدة معان؟

 وكيف ترتبط هذه المعاني المختلفة للكلمة الواحدة؟

 كيف نميز بين العبارات أو الجمل التي لها معنى من تلك التي لا معنى لها؟...)) .

 من أجل ذلك كُتب على اللسانيين أن يقفوا على الرؤى الفلسفية لمختلف النظريات التي تناولت المعنى، فمثلا نجد دي سوسير في حديثه عن القيمة اللغوية يقول:

 (( وقد اتفق الفلاسفة وعلماء اللغة دائما على أنه لولا الإشارات لما استطعنا أن نميز تمييزا واضحا ثابتا بين فكرتين، فلولا اللغة أصبحت الفكرة شيئا مبهما)) .

 ويضيف موضحا شدة ارتباط اللغة بالفكر فيقول:

 (( إن الدور المميز للغة بالنسبة للفكر ليس وسيلة صوتية مادية للتعبير عن الأفكار بل القيام بوظيفة حلقة الوصل بين الفكر والصوت... كما يمكن تشبيه اللغة بورقة وجهها الفكرة وظهرها الصوت، لا يستطيع المرء أن يقطع الوجه من دون أن يقطع الظهر، وكذلك في اللغة لا يستطيع المرء فصل الصوت عن الفكر كما لا يستطيع فصل الفكر عن الصوت)) ،.

 فالكلمات تشير إلى أفكار، والأفكار ليست إلا معان للكلمات. وغير بعيد عن هذا التصور وهذا التحليل يحاول لودفيك فتغنشتاين أن يحدد المعنى بالفصل بين التفكير واللاتفكير، فيجعل الإنسان يفكر على جانبي خط فاصل، فتصبح اللغة بذلك الوسيط الذي لا بديل منه في إدراك الكون أولا وفي التعبير عنه ووصفه ثانيا، فما هو منها يمثل المعنى وما يقع على الجانب الثاني يمثل اللامعنى ، لم يعد اللامعنى مرتبطا بالشكل المنطقي للقضية بل بالحالة النفسية التي يكون عليها المتكلم، عندما ينجز لعبة لغوية، ويضيف ((يمكن للغة المنطوقة أن تتجاوز حدود اللامعنى، بينما لا يمكن للصورة أن تفعل ذلك، إن لغة الكلام تبيح تركيبات الألفاظ التي لا معنى لها، لكن لغة التصور لا تبيح التصورات التي لا معنى لها)) .

إن هذا التفكير الفلسفي دفع بالمدارس اللسانية إلى أن تتجاوز النظرية الإشارية للمعنى والتي يرى أصحابها ((أن كل قضية مؤلفة من أسماء وأن معنى الاسم هو مسماه ذاته)) ،

لكن لوفيك فتغنشتاين أراد أن يبين خلاف هذا حين ضرب لنا المثال التالي: (( تمعن الآن أوجه المثلث[3] باعتباره مثالا، يمكن أن نرى المثلث:

 على أنه ثقب.

 على أنه جسم.

 على أنه رسم هندسي قائم على قاعدته، معلق من قمته.

 على أنه جبل.

على أنه سهم أو عقرب ساعة.

 على أنه جسم مقلوب لأنه مثلا يقوم في العادة على ضلعه الأقصر.

 وعلى أنه أشياء أخرى مختلفة)) .

إن ارتباط اللغة بالمعنى هو ما يميزها عن غيرها من الأنظمة، فهذه الرؤى المختلفة للمعنى تولد عنها ما عرف في الوسط اللساني بــــــــ:"الاتجاهات الوظيفية" ففي كل مرحلة من مراحل تطور الدرس اللساني الغربي يظهر تيار لساني يتبنى دراسة اللغة من جانبها الوظيفي. ويمكن تقسيم النظريات اللسانية المعاصرة باعتبار تصورها لوظيفة اللغات الطبيعية إلى:

 نظريات لسانية صورية تعتبر اللغات الطبيعية أنساقا مجردة يمكن وصفها بمعزل عن وظيفتها التواصلية،

ونظريات لسانية وظيفية تعتبر اللغات الطبيعية بنيات تحدد خصائصها ظروف استعمالها في إطار وظيفتها الأساسية "التواصل"



[1] _ يُعدّ لودفيج فتجنشتاين من أهم فلاسفة القرن العشرين؛ إذ إن فلسفتَيْه -المبكرة والمتأخرة – كانتا بمثابة تحوّل رئيسيّ في الفلسفة المعاصرة، أشبه بالثورة على الفلسفة التقليدية؛ حيث غيّرت من مفهومها ووظيفتها ومجالها، كما كان له بالغ الأثر على التيار الوضعي والتحليلي في القرن العشرين، فهو  كما يوصف "أعلى موجات التفكير في القرن العشرين".

[2] _ ينقسم التاريخ الفكري للودفيك فتغنشتاين L. Wittgenstein (1989/1951بصفة عامة إلى مرحلتين: مرحلةمبكرة له فيها كتاب «دراسة منطقية فلسفية"، ومرحلة متأخرة هي مرحلة «بحوث فلسفية» philosophical investigation وهو عبارة عن مذكرات محاضراته ومجموعة أبحاثه التي نُشِرَت بعد وفاته.

[3] - ارسم مثلث أمامك حتى تتجلى لك فكرة فيتغنشتاين.

ليست هناك تعليقات