التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

مفهوم الوظيفة بين النحو واللسانيات:


مفهوم الوظيفة: إن وضعية المصطلح اللساني العربي لا تخل من التعقيد والسبب راجع إلى أن اللسانيات العربية تتقاسم مصطلحاتها بين تراث قديم أصيل وبين حداثة جديدة دخيلة، بل بلغ التشتت الاصطلاحي العربَ أنفسهم بدافع خصوصية المعرفة اللغوية، ومستلزمات الدقة العلمية لهذا العلم. إن اضطراب المصطلح اللساني في البيئة العربية راجع إلى تعددية المناهج المتبعة في صوغ مصطلحاته التي تخضع لمنظور التعريب المتبع في هذا البلد العربي أو ذاك، ومن هنا نجد من الباحثين العرب من يصوغ المصطلح اللساني عن طريق الترجمة المباشرة، أو ترجمة المعنى، وهناك من ينقل اللفظ الأجنبي محاولا إخضاعه لقواعد التصريف ومخارج الحروف لتسهيل النطق به، ويضع آخرون المصطلح باعتماد الاشتقاق أو التوليد أو النحت، بينما يرجع آخرون للتراث العربي قصد إحياء ما فيه من مصطلحات، وقد أدى هذا التعدد في وضع المصطلح إلى تنوع المصطلحات اللسانية العربية. أما ما نحن بصدد دراسته في هذا البحث فهو منقول بترجمة مباشرة عن المصطلح الأجنبي "fonctionnel"، "fonctionnalisme" وظيفة = function وظيفي = functional مقاربة وظيفية = functional approach لسانيات وظيفية = linguistics  

التعريف اللغوي للوظيفة: 
 جاء في لسان العرب في مادة ( و ظ ف) الوظيفة من كل شيء ما يقدر له في كل يوم من رزق أو طعام، أو علف أو شراب، وجمعها الوظائف والوظف، ووظفت الشيء ووظفه توظيفا ألزمها إياه، وقد وظف له توظيفا على الصبي كل يوم حفظ آيات من كتاب الله عز وجل، والوظيف لكل ذي أربع ما فوق الرسغ إلى مفصل الساق، ووظيفا يدي الفرس ما تحت ركبتيه إلى جنبيه، ووظيفا رجليه ما بين كعبيه إلى جنبيه . نستمد من هذا الكلام معنيين اثنين للوظيفة: 
الأول: الالتزام بتحديد مقدار معين قد يكون عينيا كالطعام والشراب، وقد يكون معنويا كالحفظ، لكنه لا يخرج عن لزوم هذا المقدار كعادة يومية متكررة. 
والثاني: ارتباط معنى الوظيف بمنطقة محددة من أطراف ذوات الأربع. 
التعريف الاصطلاحي للوظيفة: أما المعنى الاصطلاحي للوظيفة في الدراسات اللغوية فقد ظهر مع استقرار التوجه اللساني للبحث في وظائف اللغة البشرية، وكان دي سوسير أول من قال بأن الوظيفة الأساسية للغة هي التواصل. ((حين يرد مصطلح الوظيفة دالا على علاقة فالمقصود العلاقة القائمة بين مكونين أو مكونات في المركب الاسمي أو الجملة)).
 وفي النحو الوظيفي يستخدم مصطلح الوظيفة للدلالة على كل العلاقات التي يمكن أن تقوم داخل الجملة، أو داخل المركب ((مثال ذلك أن النحو الوظيفي يميز بين ثلاث مستويات من الوظائف، وظائف دلالية [ منفذ، متقبل، مستقبل، زمان، أداة،...] ووظائف تركيبية [ فاعل، مفعول] ووظائف تداولية [محور، بؤرة]، تنتمي إلى هذه المستويات الوظيفية الثلاثة العلاقات القائمة داخل الجملة)) . 
 لقد واكب استعمال مصطلح الوظيفة مفاهيم مختلفة، ويمكن إرجاع هذه المفاهيم إلى مفهومين اثنين، الوظيفة كعلاقة، والوظيفة كدور. 
 - الوظيفة العلاقة: المقصود بها العلاقة القائمة بين مكونين أو مكونات في المركب الاسمي أو الجملة، وهذا المصطلح بهذا المعنى متداول بين جل الأنحاء مع اختلاف من نحو إلى آخر، وتكون الوظائف علاقات مشتقة حين يتم تحديدها على أساس موقع المكوّنات داخل بنية تركيبية معينة. 
- الوظيفة الدور: يقصد بها الغرض الذي تسخر الكائنات البشرية اللغات الطبيعية من أجل تحقيقه .
 إذن فمفهومي الوظيفة كعلاقة والوظيفة كدور متباينان؛ حيث أن العلاقة هي رابط بنيوي قائم بين مكونات الجملة أو مكونات المركب، في حين أن الدور يخص اللغة بوصفها نسقا كاملا، إلا أن هذا التباين لا يلغي ترابطهما من حيث أن وظيفة اللغة تحقيق التواصل بين مستعمليها تضاف إليها الوظائف التركيبية والدلالية وظائف أخرى، كما يغلب أن تتخذ الوظائف وضع وظائف أولى غير مشتقة .

ليست هناك تعليقات