الكفاية النمطية:
الحديث عن الكفاية النمطية حديث عن النحو الكلي، لأن هذا الأخير يقوم على البحث في القواسم المشتركة بين اللغات الطبيعية، لتفسير ظواهر بعينها مرتبطة بدراسة اللغة كالتشابه بين اللغات على اختلاف الزمان والمكان، وسرعة اكتساب الطفل للغة، فكل النظريات اللسانية تسعى إلى تفسير ظواهر كهذه، وإن كان الاختلاف كبيرا حول فحوى النحو الكلي، وطبيعة الكليات التي يتضمنها.
عرّف ديك الكفاية النمطية بقوله: ((يزعم المنظرون للسان الطبيعي أن بإمكانهم حصر الاهتمام في لغة واحدة، أو في عدد من اللغات فيما يقارب التنميطيون اللغة مقاربة محايدة نظريا تعتمد منهجا استقرائيا شبه تام، إن الدراسة التنميطية لا تكون ذات نفع إلا إذا أطرتها مجموعة من الفرضيات النظرية ولا تكون النظرية اللسانية في المقابل ذات جدوى، إلا إذا كشفت عن مبادئ وقواعد ذات انطباقية واسعة النطاق)).
يمكن حصر تطورات الفكر اللساني الحديث في ثلاث مراحل هي: مرحلة الجمع والتصنيف، ومرحلة التنظير، ومرحلة التنميط، ومن خلال هذا التعريف يتضح أن الدرس اللساني الحديث في مرحلته الأولى لم يتعد تجميع المعطيات اللغوية وتصنيفها من حيث خصائصها التوزيعية، وقد كان تشومسكي أول من نادى بضرورة تجاوز المنهج التصنيفي إلى نظرية لسانية عامة تتضمن نحوا كليا لكن هذا الأخير وضعه تشومسكي على أساس لغة واحدة أو بضع لغات فكان التعميم صالحا لتلك اللغة أو تلك اللغات، ومن هنا انطلقت اللسانيات التنميطية لتلافي إسقاط بنية لغة معينة على بنية باقي اللغات فأقصت اللسانيات التنميطية مفهوم النحو الكلي كما ورد في النظرية التوليدية التحويلية وعوضته بمفهوم النمط الذي اتخذ معيارا في تصنيف اللغات بإرجاعها إلى فصائل كبرى حسب خصائصها البنوية.
ومن هنا وجب على تنميط اللغات أن يندرج في إطار نظري ينطبق على أكبر قدر ممكن من اللغات المتواجدة والممكنة، ولتحقيق هذه الكفاية لا بد من ربط تنميط اللغات بالكليات اللغوية، والعمل على تحقيق أكبر قدر ممكن من التجريد في صوغ المبادئ والقواعد.
ويختلف النحو الوظيفي عن غيره من النظريات في مفهوم الكليات اللغوية بتبني فكرة تقوم على:
- البحث عن الكليات في مجالي الدلالة والتداول أجدى من البحث عنها في مجالي الصرف والتركيب.
- لا تستنبط الكليات عن طريق تعميم خصائص لغة معينة بل تستنتج من دراسة أكبر عدد ممكن من اللغات المنتمية إلى أكبر عدد من الأنماط ولا يتم إقرارها إلا بعد أن تكون قد محصت صحتها بتمريرها بمحك عدد أكبر من اللغات .
فيكون دور النحو الكلي بناء أنحاء نمطية لفصائل اللغات المنتمية إلى النمط الواحد وأنحاء خاصة للغات معينة حسب الرسم المبين أدناه:
ليست هناك تعليقات