التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

بنوية النحو العربي

. الاهتمام بالمبنى على حساب المعنى: يعاب على النحو العربي أن اهتمامه بالمعنى كان على حساب المعنى؛ وهذا هو حال الدراسات اللغوية العربية حتى القرن الخامس الهجري، فالهدف الذي نشأت من أجله، والظروف التي نشأت فيها هي التي حددت مسارها ووجهتها الفلسفية، فمجمل الأخطاء التي سموها لحنا كانت:

o صوتية: متعلقة بالأصوات ومخارجها وصفاتها... 

o صرفية:متعلقة بالجذور والزوائد واللواحق والصيغ والاشتقاق. 
o نحوية: متعلقة بالإعراب والبناء،أقسام الكلم،الأبواب النحوية 
o معجمية:المعنى الأساسي للمفردة فقط. وهذه الأخطاء في مجملها عدّها الوصفيون تركز على المبنى وتصويباتها لا تهتم بسلامة المعنى، (( يصدق على جميع هذه الأنواع من الخطأ أنها أخطاء في المبنى أولا وأخيرا ولو أدت في النهاية إلى خطإ في المعنى لم يكن نتيجة خطإ في القصد، من هنا اتسمت الدراسات اللغوية العربية بسمة الاتجاه إلى المبنى أساسا ولم يكن قصدها إلى المعنى إلا تبعا لذلك وعلى استحياء)) . 
 وفي هذا المقام انتقد المنهج الوصفي النحو العربي في مستواه الإجرائي في نقاط محددة أهمها:  

 أقسام الكلم: اعتُبرت قسمة الكلام إلى اسم وفعل وحرف قسمة لها أصول منطقية مستوحاة من الفلسفة اليونانية، وفي هذا يقول إبراهيم أنيس (( قنع اللغويون القدماء بذلك التقسيم الثلاثي من اسم وفعل وحرف، متبعين في هذا ما جرى عليه فلاسفة اليونان وأهل المنطق ممن جعل أجزاء الكلام ثلاثة سموها الاسم والفعل والأداة)) ، فقدمت تقسيمات أخرى كالقسمة الرباعية لإبراهيم أنيس، والقسمة السباعية لتمام حسان. نظرية العامل وظاهرة الإعراب: سبق وأن أشرت إلى طعن إبراهيم أنيس في ظاهرة الإعراب. وأما تمام حسان فيتناول نظرية العامل قائلا: (( ما العامل إذن؟ الحقيقة أن لا عامل، إن وضع اللغة يجعلها منظمة من الأجهزة، وكل جهاز منها متكامل مع الأجهزة الأخرى، ويتكون من عدد من الطرق التركيبية العرفية المرتبطة بالمعاني اللغوية، فكل طريقة تركيبية منها تتجه إلى بيان معنى من المعاني الوظيفية في اللغة، فإذا كان الفاعل مرفوعا في النحو فلأن العرف ربط بين فكرتي الفاعلية والرفع دون ما سبب منطقي واضح... المقصود من أية حركة إعرابية إذا هو الربط بينها وبين معنى وظيفي خاص... والشرط الوحيد في كل ذلك أن يكون هناك ارتباط تام بين اختلاف الحركات واختلاف الأبواب النحوية )) . 
 فالحركات الإعرابية مرجعها إلى ما تعارف علي مستعملو اللغة فهي لا تعود لأي مبرر منطقي. وتأكيدا على اهتمام النحاة العرب بالمبنى على حساب المعنى يشير تمام حسان إلى قصور الدرس النحوي العربي عن تلمس مختلف المعاني المرتبطة بالتركيب اللغوي فيقول: (( والمعروف أن هذا الجانب التحليلي من دراسة النحو لا يمس معنى الجملة في عمومه لا من الناحية الوظيفية العامة كالإثبات والنفي والشرط والتأكيد والاستفهام والتمني إلخ. ولا من ناحية الدلالة الاجتماعية التي تنبني على اعتبار المقام في تحديد المعنى وإن كانت تمس ناحية من نواحي الترابط بين أجزاء الجملة بروابط مبنوية ومعنوية ذكروها فرادى ولم يعنوا بجمعها في نظام كامل )) . 
 لكن قصور الدرس النحوي هذا استدركته دراسات لاحقة تمثلت في ظهور علم المعاني الذي ضم مباحث اهتمت بمعنى الجملة في عمومه كان أبرزها الخبر والإنشاء والتقديم والتأخير والذكر والحذف...وغيرها. 
 كما أن الباحثين الذين حاولوا تقديم اللسانيات كوافد جديد للقراء العرب ألفوا كتبا يتصف الكثير منها بصفات غير محمودة: 
 - إن مؤلفي هذه الكتب ليسوا من فرسان الميدان، فأكثرهم تخصصوا في علم الاجتماع، أو علم النفس أو تاريخ الأدب وقل من تخصص في علم اللسان البشري. 
- اقتصار هذه الكتب على المفاهيم والمناهج التي تعتبر الآن في أوروبا وأمريكا مفاهيم تجاوزتها الانقلابات العلمية. 
- عدم التفاتها إلى النقائص والأخطاء التي احتوت عليها الآراء والنظريات الأوربية القديمة منها والحديثة، ومن ثم يتضح عدم إلأمام بعض المؤلفين لا بأصول هذا العلم وجزئيلته فحسب، بل حتى بالمشاكل التي يطرحها وبالحلول التي يقترحها علماؤه.
 - التناسب الوضعي الذي يوجد بين علم اللسان الحديث وعلم اللسان العربي الذي وضعه العلماء العرب في أواخر القرن الأول الهجري، فهذا التناسب بين الأوضاع المنهجية والعلمية التي امتاز بها فكر الخليل ومن تابعه وبين الأوضاع العلمية الحديثة جدير بالدراسة. وقبل أن نختم هذا الفصل نود أن نبين أن عملية إسقاط المفاهيم المتداولة في الدرس اللغوي الغربي على اللغة العربية لا بد أن يراعى فيه خصوصية هذه اللغة والظروف التي نشأت فيها لأن (( تجديد تعليم النحو في العربية لا يستطيع أن يكون مسايرا كل المسايرة ما يجري في اللغات الغربية، وذلك لانفراد لغتنا ببعض الخصائص التي لها أثر عميق على المستوى التعليمي)) . 

ليست هناك تعليقات