مفكرة الحداثة:
يذهب الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن بعيدا في انتقاد المثقفين العرب الذين
أطلق عليهم “مفكرة الحداثة”، تختزن ما ينتجه الفلاسفة الحداثيون في الغرب وتخرجه
كما هو، ولا يجدون مذلة، ولا شناعة، ولا حتى حرجا في تقليد الآخرين في ما استحدثوه
من أنماط تفكيرهم، ويدافعون عن صواب ذلك التقليد وبث روحه وقانونه في نفوس
مواطنيهم، ظالمين لتاريخهم وتراثهم، بل تأخذهم العزة بمساوئ هذا التقليد. وبسبب
بؤسهم الفكري غير المسبوق، وشعورهم بعقدة النقص التي لا تبرحهم ينساق “المثقفون
العرب” إلى إسقاط ذلك البؤس على تراث الأمة، ماحين من أفق تفكيرهم وجود ثراء
أخلاقي وروحي فيه، ولم يكن ليشتغل بالرد عليهم لولا استنكارهم الحق واستحسانهم
الباطل وتلبيسهم على القراء.
يقول عبدالرحمن إن العرب، ومنذ ما يقارب ثلاثة عقود، يقتلون بعضهم
بعضا بكل صور القتل الممكنة وبكل أشكال الأسلحة المتاحة حتى أنه لا أمة بلغت في
هذه البسيطة في هذه الفترة مبلغهم تفننا في قتل أنفسهم، فهناك، حسب عبدالرحمن،
القتل الفردي والجماعي وهناك القتل العلني والخفي وهناك القتل السريع والبطيء إلى
آخره.
ليست هناك تعليقات