ما قبل المعيار:
انحصرت الدراسات الوظيفية في مجال
الجملة لكن ليس بوصفها معطى مجردا قوامه الألفاظ والتراكيب المعزولة عن ظروف
إنتاجها، فالنحو الوظيفي نحو خطاب ببعديه المقالي والمقامي يؤمن بتبعية البنية
للوظيفة، وتظهر الأحادية في هذا التوجه عند اعتماده على المعرفة اللغوية الصرفة
وإغفال المعارف الأخرى التي تدخل في عملية إنتاج الكلام.
أورد المتوكل في هذا النموذج ما نصه
((تنتج الجملة عبر بناء بنيات ثلاث: بنية دلالية، وبنية تداولية، وبنية صرفية
تركيبية، وتضطلع برصد هذه البنيات الثلاث ثلاث أنساق من القواعد: قواعد دلالية
وقواعد تداولية وقواعد صرفية تركيبية))[1]، فما لحق مكونات النحو من
تغيير مس أساسا البنية التحتية الدلالية التداولية لكن كان له أثر كذلك في البنية
الصرفية التركيبية، بحكم الترابط بين البنيتين[2]، بمعنى أن البنية في النحو
الوظيفي تمر بثلاث مراحل، وفي كل مرحلة من هذه المراحل تتشكل بنية تمثّل لزمرة من
الخصائص والخطوات الاشتقاقية، حيث يتم اشتقاق الجملة حسب النحو الوظيفي عن طريق
بناء ثلاث بنيات مرتبة على النحو الآتي: البنية الحملية، والبنية الوظيفية،
والبنية المكوّنية، ويضطلع ببناء هذه البنيات الثلاث ثلاث أنساق من القواعد أو
ثلاث مكونات هي:
-
الأساس.
-
قواعد إسناد الوظائف.
-
قواعد التعبير.
وهذا مبدأ عام يقضي بأن اللغة بنية
تركيبية صرفية دلالية تحكمها وظيفة التواصل، ((وانطلاقا من هذا المبدأ المنهجي
العام القاضي بأن الخصائص الوظيفية تحدد الخصائص الصورية للعبارات اللغوية، تعد
البنية الصرفية التركيبية في هذا النحو ناتجة عن التفاعل بين أنساق القواعد الثلاث
الآتية:
-
نسق القواعد الدلالية.
-
نسق القواعد التداولية.
-
نسق القواعد التركيبية الصرفية.
بتعبير آخر لا يعد التركيب بخلاف ما
هو عليه في الأنحاء التوليدية التحويلية مكونا مستقلا، بل إنه على العكس من ذلك
مكون يدخل في تفاعل مع المكونين الآخرين الدلالي والتداولي لإنتاج البنية الصرفية التركيبية))[3].
إن الجملة في هذا النحو تشتق فى ثلاث
بنى هي الحملية والوظيفية والمكونية، حيث تبنى البنية الحملية -التيى تحكمها بنية
وظيفية- قبل بناء البنية المكونية، هذه الأخيرة خاضعة للمعطيات الدلالية
والتداولية في مستوى البنية الحملية والبنية الوظيفية، إذ تقدم البنية الحملية
مهدا دلاليا مرتبطا بالألفاظ وتعالقاتها الدلالية، أما البنية الوظيفية فتهتم
برعاية إسناد الوظائف التداولية والتركيبية، أما البنية المكونية فتكفل صياغة
الجملة في شكلها النهائي.
[1] )
المتوكل أحمد، اللسانيات الوظيفية مدخل نظري، دار الكتاب الجديد المتحدة،
الطبعة الثانية، بنغازي، 2010، ص 126.
[2] ) المتوكل أحمد، المنحى الوظيفي في الفكر
اللغوي العربي الأصول والامتداد، دار الأمان، الطبعة الأولى، الرباط، 2006، ص 108.
[3] ) المتوكل أحمد، اللسانيات الوظيفية مدخل نظري،
دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الثانية، بنغازي، 2010، ص 126.
ليست هناك تعليقات