أساس البنية الحملية.
١
- المعجم:
يمثل الحمل في النحو الوظيفي للعالم
موضوع الحديث - عالم الواقع أو أي عالم من العوالم الممكنة- في شكل حمل يتألف من
محمول وعدد معين من الحدود، يدل المحمول الذي يمكن أن ينتمي تركيبيا إلى مقولة
الفعل أو مقولة الاسم أو مقولة الصفة على واقعة، وتكون الواقعة إما عملا أو حدثا
أو وضعا أو حالة، أما الحدود فتدل على المشاركين في الواقعة، وهي إما حدود موضوعات
أو حدود لواحق، فهي موضوعات إذا كانت تدل على ذوات تسهم في تعريف الواقعة، نفسها
كالذات المنفذة والذات المتقبلة والذات المستقبلة وهي لواحق حين تدل على مجرد
الظروف المحيطة بالواقعة كأن تدل على زمانها ومكانها أو علتها أو هدفها.[1]
في البنية الحملية تتمثل الخصائص
الدلالية بتطبيق القواعد الأساس والذي يسميه أحمد المتوكل"الخزينة"،
((لكل من قواعد الصياغة وقواعد التعبير خزينتها التي تخصها فللقواعد الأولى أطرها
العلاقية والتمثيلية ومخصصاتها الأولية ووظائفها التداولية والدلالية ووحداتها
المعجمية، وللقواعد الثانية أطرها "الصرفية-التركيبية" ومخصصاتها
الثانوية ووظائفها التركيبية))[2]، بمعنى أن مكونات بناء
الجملة ترجع إلى عنصرين مهمين: معجم، وقواعد تكوين المحمولات والحدود، وهذان
العنصران هما اللذان يتكفلان بصوغ بنية الجملة الحملية وبنائها.
((بينا أن محمول الجملة يرد في مستوى
البنية التحتية في شكل صورة مجردة هي عبارة عن جذر ثلاثي مضموما إليه وزن من
الأوزان باعتباره إما محمولا أصلا أو محمولا مشتقا ناتجا عن إحدى قواعد تكوين
المحمولات))[3].
فالعناصر التي نجدها في البنية
التحتية أصناف ثلاثة: وحدات معجمية، ومخصصات ووظائف دلالية ووجهية وتداولية[4]، ((نذكر أن المحمول يمثل له
في مستوى البنية التحتية في شكل صورة مجردة تتكون من الجذر وأحد الأوزان الأصلية
أو المشتقة...هذه الصورة المجردة هي التي نجدها في المدخل المعجمي ذاته كجزء من
الإطار الحملي...، ونذكر كذلك بأن المدخل المعجمي الممثل له في إطار شكل حملي هو
ما يشكل مصدر اشتقاق الجملة حيث يمر بالمراحل التالية:
-
إدماج الوحدات المعجمية المناسبة في
محلات الحدود.
-
تحديد مخصصات المحمول والحمل والقضية
والإنجاز ولواحق هذه العناصر إن كان ذلك واردا وفقا للبنية العامة.
-
إسناد الوظائف التركيبية
والتداولية))[5].
وهنا تكمن أهمية المادة المعجمية في
تحديد البنية الحملية إذ تسهم في ذلك بنوعين
من المعارف:
-
معرفة مجموعة من المفردات الأصول
التي يتعلمها المتكلم السامع تعلما كما هي قبل استعمالها مثل: ما هو من باب (فعَل،
فعِل، فعُل، وفعلل)، أي الأفعال المجردة من الثلاثي والرباعي.
-
معرفة نسق من قواعد الاشتقاق تمكنه
من تكوين مفردات جديدة لم يسبق له أن سمعها أو استعملها انطلاقا من المفردات
الأصول المتعلّمة، مثل اشتقاق ما كان من باب (فَاعَلَ، أفْعَلَ، فَعَّلَ،
افْتَعَلَ...) من الفعل الثلاثي وهذا يسمى اشتقاقا مباشرا، وهناك اشتقاق غير مباشر
مثل ما كان من باب (تَفَاعَلَ، تَفَعَّلَ...)، لأنها مشتقة من غير الأصول.
وعلى هذا يرى المتوكل بأن هذا المعجم
هو الذي يتولى تزويد المتكلم بالأطر الحملية، والحدود الأصول، وبالتالي فالأطر
الحملية نوعان، أطر حملية أصلية، وأطر حملية مشتقة.
أما قواعد تكوين المحمولات والحدود
فيقصد بها الطريقة التي يتم بها الاشتقاق، ويجب أن تتوفر فيها خاصيتان هما:
*
الربط بين مفردات متواردة تزامنيا،
أي في المرحلة نفسها من مراحل تطور اللغة.
*
أن تكون المفردات الناتجة عنها
مجموعة غير محصورة العناصر، أي أن تكون قاعدة منتِجة.
من المهم أن نشير هنا إلى أن اللغة
العربية من اللغات التي يتحتم فيها التمييز بين الحالة الإعرابية والعلامة
الإعرابية بين الرفع والضم وبين النصب والفتح، وبين الجر والكسر، ما يفرض هذا
التمييز أن الحالة الإعرابية لا تتحقق دائما في شكل العلامة الإعرابية المتوقعة (جمع
المؤنث السالم في حالة النصب) وأنها لا تتحقق إطلاقا كما هو الشأن فيما يسمى الاسم
المقصور مثلا[6].
[1] )
المتوكل أحمد، الوظيفة والبنية مقاربات وظيفية لبعض قضايا التركيب في اللغة
العربية، منشورات عكاظ، الرباط، 1993، ص 32.
[2] )
المتوكل أحمد، التركيبات الوظيفية قضايا ومقاربات، مكتبة دار الأمان،
الرباط، الطبعة الأولى، 2005، ص 87.
[3] )
المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية المكونات
أو التمثيل الصرفي التركيبي، دار الأمان، دون ط، الرباط، 1995، ص 15.
[4] )
المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية بنية الخطاب من
الجملة إلى النص، دار الأمان، دون ط، الرباط، 2001، ص 46.
[5] )
المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية المكونات
أو التمثيل الصرفي التركيبي، دار الأمان، الرباط، دون ط، 1995، ص 16.
[6] ) المتوكل أحمد، المنحى الوظيفي في الفكر
اللغوي العربي الأصول والامتداد، دار الأمان، الطبعة الأولى، الرباط، 2006، ص98.
ليست هناك تعليقات