التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

المحاضرة الثالثة في مقياس النحو الوظيفي للسنة الثالثة ليسانس لغة وأدب:


          أساس البنية الحملية.
١         - المعجم:
يمثل الحمل في النحو الوظيفي للعالم موضوع الحديث - عالم الواقع أو أي عالم من العوالم الممكنة- في شكل حمل يتألف من محمول وعدد معين من الحدود، يدل المحمول الذي يمكن أن ينتمي تركيبيا إلى مقولة الفعل أو مقولة الاسم أو مقولة الصفة على واقعة، وتكون الواقعة إما عملا أو حدثا أو وضعا أو حالة، أما الحدود فتدل على المشاركين في الواقعة، وهي إما حدود موضوعات أو حدود لواحق.
 فهي موضوعات: إذا كانت تدل على ذوات تسهم في تعريف الواقعة، نفسها كالذات المنفذة والذات المتقبلة والذات المستقبلة.
 وهي لواحق: حين تدل على مجرد الظروف المحيطة بالواقعة كأن تدل على زمانها ومكانها أو علتها أو هدفها.[1]

الواقعة:
o عمل: فيه حركة واضطراب صادرة عن ذوات عاقلة لها القدرة على الإقدام أو الكف عن إنجاز هذا العمل مثلا:
- شرب زيد اللبن.
حدث: قوى طبيعية غير صادرة عن ذوات عاقلة كالريح والمطر ... مثلا:
- فتحت الريح الباب.
o وضع:  محمولات تدل على ذوات تأخذ تموضعا مكانيا أو زمانيا مثلا:
-  جلس خالد على الكرسي.
o حالة: محمولات تدل على حالات نفسية بحتة أو هي تموضع معنوي صادر عن ذوات مثلا:
- حزنت هند لفراق أخيها.

في البنية الحملية تتمثل الخصائص الدلالية بتطبيق القواعد الأساس والذي يسميه أحمد المتوكل"الخزينة"، ((لكل من قواعد الصياغة وقواعد التعبير خزينتها التي تخصها فللقواعد الأولى أطرها العلاقية والتمثيلية ومخصصاتها الأولية ووظائفها التداولية والدلالية ووحداتها المعجمية، وللقواعد الثانية أطرها "الصرفية-التركيبية" ومخصصاتها الثانوية ووظائفها التركيبية))[2].
 بمعنى أن مكونات بناء الجملة ترجع إلى عنصرين مهمين: معجم، وقواعد تكوين المحمولات والحدود، وهذان العنصران هما اللذان يتكفلان بصوغ بنية الجملة الحملية وبنائها.
 تكمن أهمية المادة المعجمية في تحديد البنية الحملية إذ تسهم في ذلك بنوعين  من المعارف:
01- معرفة مجموعة من المفردات الأصول التي يتعلمها المتكلم السامع تعلما كما هي قبل استعمالها مثل: ما هو من باب (فعَل، فعِل، فعُل، وفعلل)، أي الأفعال المجردة من الثلاثي والرباعي.
02- معرفة نسق من قواعد الاشتقاق تمكنه من تكوين مفردات جديدة لم يسبق له أن سمعها أو استعملها انطلاقا من المفردات الأصول المتعلّمة، مثل اشتقاق ما كان من باب (فَاعَلَ، أفْعَلَ، فَعَّلَ، افْتَعَلَ...) من الفعل الثلاثي وهذا يسمى اشتقاقا مباشرا، وهناك اشتقاق غير مباشر مثل ما كان من باب (تَفَاعَلَ، تَفَعَّلَ...)، لأنها مشتقة من غير الأصول.
وعلى هذا يرى المتوكل بأن هذا المعجم هو الذي يتولى تزويد المتكلم بالأطر الحملية، والحدود الأصول، وبالتالي فالأطر الحملية نوعان، أطر حملية أصلية، وأطر حملية مشتقة.
من المهم أن نشير هنا إلى أن اللغة العربية من اللغات التي يتحتم فيها التمييز بين الحالة الإعرابية والعلامة الإعرابية بين الرفع والضم وبين النصب والفتح، وبين الجر والكسر، ما يفرض هذا التمييز أن الحالة الإعرابية لا تتحقق دائما في شكل العلامة الإعرابية المتوقعة (جمع المؤنث السالم في حالة النصب) وأنها لا تتحقق إطلاقا كما هو الشأن فيما يسمى الاسم المقصور مثلا[6].

٢   - الأوزان والصيغ:
تستند مهمة تكوين المفردات في نظرية النحو الوظيفي إل نسقين من القواعد:
                    قواعد تكوين المحمولات والحدود: "مخزن المفردات" حيث تضطلع قواعد تكوين المفردات باشتقاق المفردات الفرعية من المفردات الأصول.
                    قواعد صياغة المحمولات والحدود: وهي قواعد التعبير التي تتكفل بتحديد الصيغة الصرفية للمفردات الأصول أو المشتقة التي يتم التمثيل لها في المخزن في شكل أطر حملية تشكل المداخل المعجمية لهذه المفردات.
وبعبارة أخرى ((يمكن أن نقول إن الصرف في نظرية النحو الوظيفي يتوزع على مكونين اثنين قواعد اشتقاقية وقواعد صُرفية بضم الصاد... في إطار التمييز بين هاتين الفئتين من القواعد قواعد الاشتقاق وقواعد الصياغة نعتمد بالنسبة للغة العربية الطرح التالي:
o                  الوزن والصيغة مفهومان مختلفان تماما بحيث لا يسوغ الخلط بينهما.
o                  ينتمي الوزن إلى نسق القواعد الاشتقاقية، قواعد تكوين المفردات في حين تنتمي الصيغة إلى القواعد الصرفية من نسق قواعد التعبير.
وظيفة الوزن وظيفتان: ((وظيفة الـتأشير لباب المحمول إذا كان محمولا أصلا [باب فعَل، باب فعِل، باب فعُل]، ووظيفة اشتقاق محمول فرعي من محمول أصلي من ذلك اشتقاق المحمولات العلية أو "الجعلية" التي على وزني أفعل أو فعّل أو على وزن استفعل، واشتقاق المحمولات الانعكاسية التي على وزني انفعل أو افتعل والمحمولات الدالة على المطاوعة الواردة على وزني انفعل أو افتعل، وغير ذلك من المحمولات الفروع التي وصفنا اشتقاقها))[7].

٣        - الصيغ الصـرفية:
الصرف في النحو الوظيفي صرفان، صرف اشتقاق، وصرف تصريفي، يتموقع الصرف الأول في مستوى الأساس في مستوى قواعد تكوين المحمولات حيث يتم اشتقاق محمولات  "أوزان" فرعية من محمولات مفترض فيها أنها محمولات "أوزان" أصول[8].
هذه القواعد الصرفية السابقة لا تحدد الصياغة التامة للمحمول إلا بواسطة النوع الثاني من قواعد الصرف حيث تتكفل هذه الأخيرة انطلاقا من المعلومات الواردة في البنية الوظيفية حول مخصص المحمول الصيغي الزمني بإعطاء الصيغة الصرفية التامة صيغة "الماضي"، أو صيغة "المضارع" مجردتين كما في الجملتين الآتيتين:
-                  باع التاجر سيارته.
-                  يكتب الطالب بحثا في النحو.
أو مضافا إليها (فعل مساعد) كما في الجملة الآتية:
-                  كان الطالب يكتب بحثا في النحو.
تنتج الكلمة في اللغة العربية عن قولبة جذر ما في وزن معين مثلا نحصل على الكلمات" كتب"، "كاتب"، "مكتوب"،" كتابة"، من قولبة الجذر "كتب" في الأوزان "فعل"، "فاعل"، "مفعول"، "فعالة"، وهناك كلمات ناتجة عن إضافة لاصقة سواء كانت سابقة أو لاحقة مثل "انكتب"، "استكتب"، "كتابة"، فالكلمات في اللغة العربية يمكن تكوينها جزئيا بطريقة غير سلسلية وجزئيا بطريقة سلسلية.
الصيغ الصرفية التي يمكن أن يتحقق فيها محمول الجملة نمطان صيغ بسيطة هي الماضي والمضارع والأمر، وصيغ أخرى مركبة.
 ويتحقق المحمول في إحدى الصيغ الثلاث وفقا للمسطرة العامة التالية:
-  يشكل دخلا لقاعدة الصياغة محمولٌ محددٌ جذره ووزنه ومقولته المعجمية وسماته الإنجازية والوجهية والزمنية والجهية.
- تنقل هذه الصورة المجردة إلى صيغة صرفية بواسطة قاعدة تشتغل طبقا لما أشرنا إليه.
حين نتحدث عن الماضي في مقابل المضارع والأمر فإننا نتحدث عن صيغة صرفية لا عن الزمن الماضي، وحين نتحدث عن الماضي كصيغة فإننا نميز بينه وبين الصورة المجردة للمحمول (جذر+ وزن) كما هي واردة في المدخل المعجمي أو في البنية التحتية للجملة، وما يشكل هو التماثل بين الوزن والصيغة التي يأخذها المحمول بحكم سماته الزمنية، إلا أن هذا التماثل لا يجب أن يحجب عنا الفرق الواضح بين مفهوم الوزن باعتباره مؤشرا لنوع المحمول(أصليته أو فرعيته) وبابه (فعَل، فعُل، فعِل) ودلالته المعجمية (العلية، الانعكاس، المطاوعة، المشاركة)، ومفهوم الصيغة باعتبارها التحقق الصرفي للصورة المجردة، بعبارة أخرى نفس البناء "فعَل" وزن باعتبار الصورة المجردة، وصيغة باعتبار التحقق الصرفي.
لم يعد واردا هنا الحديث عن العلاقة بين الماضي والمضارع أيهما مشتق من الآخر، بل إن الصيغتين معا وصيغة الأمر تتحدد انطلاقا من المعلومات الممثل لها في البنية التحتية، بعبارة أخرى يأخذ المحمول صيغة مضارع معينة لا لأن له صيغة ما معينة بل لأنه وارد في صورته المجردة على وزن معين، فالفعل "كتب" مثلا يأخذ كصيغة مضارع الصيغة "يكتب" لأنه وارد على وزن فعل لا لأن صيغة ماضيه "كتب"[9].
وهناك أفعال محمولات تستوفي شروط المحمولية وأفعال أخرى ناقصة غير مستوفية لشروط المحمولية التي يمكن تلخيصها في:
يدل المحمول على واقعة وتكون هذه الواقعة مثل:
o عمل: فيه حركة واضطراب صادرة عن ذوات عاقلة لها القدرة على الإقدام أو الكف عن إنجاز هذا العمل مثلا:
- شرب زيد اللبن.
حدث: قوى طبيعية غير صادرة عن ذوات عاقلة كالريح والمطر ... مثلا:
- فتحت الريح الباب.
o وضع:  محمولات تدل على ذوات تأخذ تموضعا مكانيا أو زمانيا مثلا:
-  جلس خالد على الكرسي.
o حالة: محمولات تدل على حالات نفسية بحتة أو هي تموضع معنوي صادر عن ذوات مثلا:
- حزنت هند لفراق أخيها.
ويتطلب المحمول عددا معينا من المشاركين في الواقعة التي يدل عليها، ويدخل في هذه المحمولات حسب دورهم في الواقعة وظائف دلالية معينة.
-                   وظيفة المنفذ: زيد من نفذ فعل الشرب.
-                   وظيفة القوة: قوة الريح فتحت الباب.
-                   وظيفة المتموضع: خالد من أخذ وضع الجلوس.
-                   وظيفة الحائل: هند محل الحزن.
يقتضي المحمول من حدوده الموضوعات أن تتسم بسمات معينة تشكل قيود توارد كما هو الشأن للفعل شرب الذي يتطلب أن يكون حده الأول حي، وحدّه الثاني سائلا، بمعنى أن عددا من الحدود يدل على الذوات المشاركة في الواقعة الدال عليها في المحمول، فالحدود موضوعات تسهم في تعريف الواقعة ذاتها: (الحد المنفِّذ، والحد المتقبَّل، والحد المستقبِل)، من هنا يمكن تحليل الجملة "شرب زيد اللبن" كما يلي:
المحمول الفعلي: "شرب"، الحدان: المنفذ "زيد"، والمتقبل "اللبن".
وقد يكون للمحمول ثلاثة حدود موضوعات، كما في الجملة:
-                   "أعطى الغني الفقير ثوبا".
 المحمول الفعلي: "أعطى".
 الحدود: المنفذ "الغني"، المستقبل"الفقير"، المتقبل "ثوبا".
          وقد يكون في الجملة حدود لواحق لا يتعدى دورها تخصيص الواقعة من حيث الزمان والمكان والحال، كما في الجملة الآتية:
§                   أعطى خالد محمدا كتابا اليوم أمام المكتبة.
فالمحمول الفعلي: "أعطى".
والحدود الموضوعات: المنفذ "خالد"، المستقبل "محمدا"، المتقبل "كتابا".
 الحدود اللواحق: مخصص زماني"اليوم"، مخصص مكاني "أمام المكتبة".
إذن فالبنية العامة للحمل في النحو الوظيفي تقوم على: محمول، وحدود موضوعات، وحدود لواحق، وعلى ما سبق فإن المحمولات تصنف إلى: محمولات أحادية (ذات موضوع واحد)، محمولات ثنائية (ذات موضوعين)، محمولات ثلاثية (ذات ثلاثة موضوعات).
إذا كان المحمول لا يتضمن إلا حدودا موضوعات فإنه إطار حملي نووي، وإذا اشتمل على حدود موضوعات، وحدود لواحق كان إطارا حمليا موسعا.
هناك قواعد لإدماج الحدود، وتتم بانتقاء من بين المداخل المعجمية الممثّل لها في المعجم، أو الناتجة عن قاعدة تكوين الحد الملائم فيدمج في الحد المعدّ له، فينتج لنا البنية الحملية الجزئية.
وهناك بنية حملية تامة التحديد، إذ يتم عن طريق قواعد تحديد مخصص المحمول من:
ü صيغة "التدليل".
ü ووجهة (تامة، غير تامة، مستمرة، غير مستمرة، مشروع فيها، مقاربة).
ü زمن ( ماض، وحاضر، ومستقبل).
ü قواعد تحديد مخصصات الحدود وهي: التعريف، والتنكير، والعدد، والإشارة، والجنس.
وبتطبيق قواعد تحديد مخصص المحمول، ومخصصات الحدود نحصل على بنية حملية تامة التحديد.




[1] )  المتوكل أحمد، الوظيفة والبنية مقاربات وظيفية لبعض قضايا التركيب في اللغة العربية، منشورات عكاظ، الرباط، 1993، ص 32.
[2] )  المتوكل أحمد، التركيبات الوظيفية قضايا ومقاربات، مكتبة دار الأمان، الرباط، الطبعة الأولى، 2005، ص 87.
[3] )  المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية المكونات أو التمثيل الصرفي التركيبي، دار الأمان، دون ط، الرباط، 1995، ص 15.
[4] )  المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية بنية الخطاب من الجملة إلى النص، دار الأمان، دون ط، الرباط، 2001، ص 46.
[5] )  المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية المكونات أو التمثيل الصرفي التركيبي، دار الأمان، الرباط، دون ط، 1995، ص 16.
[6] ) المتوكل أحمد، المنحى الوظيفي في الفكر اللغوي العربي الأصول والامتداد، دار الأمان، الطبعة الأولى، الرباط، 2006، ص98.

[7])  المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية المكونات أو التمثيل الصرفي التركيبي، دار الأمان، الرباط، دون ط، 1995، ص 18/19.
[8])  المتوكل أحمد، اللسانيات الوظيفية مدخل نظري، دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الثانية، بنغازي، 2010، ص 167.
[9] )  المتوكل أحمد، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية المكونات أو التمثيل الصرفي التركيبي، دار الأمان، الرباط، دون ط،  1995 ص 21/22/23.

ليست هناك تعليقات