التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

السلسلة الثانية لتطبيقات علم الدلالة العربي "ماستر لسانيات عربية" للموسم 2024/2025:

 

السلسلة الثانية لتطبيقات علم الدلالة العربي "ماستر لسانيات عربية"  للموسم 2024/2025:

المستوى: ماستر لسانيات عربية.    السداسي: 03.  المقياس: علم الدلالة العربي "تطبيقات".     د. جلول تهامي.

مباحث علم الدلالة:

01-  اللغة:

لا شك أن اللغة أكثر من مجموعة أصوات، وأكثر من أن تكون أداة للفكر، أو تعبيرا عن عاطفة، فاللغة جزء من كياننا البسيكولوجي الروحي، وهي عملية فيزيائية اجتماعية بسيكولوجية على غاية من التعقيد.

والدرس الدلالي الحديث يهدف إلى التعرف على القوانين التي تشرف على النظام اللغوي، وذلك بتحليل نصوص لغوية بقصد ضبط المعاني المختلفة بأدوات محددة وفي هذا سعي إلى تنويع التراكيب اللغوية لأداء وظائف دلالية معينة وهذا التنويع هو الذي يثري اللغة إثراء يحفظ أصول هذه اللغة ولا يكون حاجزا أمام تطورها وتجددها.

قول لعبد السلام المسدي:

 (( إن الحدث الكلامي يُكتسب تلقائيا عن طريق التحصيل بالأمومة غير أن هذا الاكتساب الأمومي سرعان ما يتحول إلى ضرب من الإدراك الخفي بقوانين تلك اللغة ذلك أن الظاهرة اللسانية من شروطها الأولية أنها عقد جماعي يلتزم به الفرد ضمنيا بعد أن يحذق استخدام ما تنص عليه بنوده الصوتية والنحوية والدلالية)) .

بمعنى أن البحوث الدلالية التي موضوعها اللغة تشير إلى أن اكتساب التراكيب اللغوية يخضع إلى التلقائية والعفوية أثناء الحدث الكلامي غير أن هذه التلقائية تحمل في جوهرها تلك القواعد التي تحدد إطار لغة الخطاب والتواصل، ويتعرف المجتمع اللساني على سننها ويتمرس في توظيفها.

إن المناهج التي تناولت اللغة كمادة للبحث تختلف باختلاف النمط الفكري والعلمي السائدين في ذلك العصر فمثلا:

المنهج السلوكي: يعتبر اللغة مجموعة عادات صوتية تُكيفها البيئة، وحصول الاستجابة الكلامية شبيه بما يحصل للحيوان مبدأ "مثير واستجابة".

يرى أصحاب هذه النظرية أن السلوك – بما في ذلك السلوك اللغوي – ارتباط بين مثير واستجابة، وبالتالي يكون المعنى هو الارتباط القائم بين المثير القادم من العالم الخارجي والاستجابة اللفظية للفرد، وهذه النظرية تتفق مع أصحاب النظريات البيئية التي تهتم بالجوانب البيئية في تفسير السلوك الإنساني ومن روادها " سكنر وسامبسون.

وتفترض النظريات السلوكية عامة أنه ينبغي أن نولى الاهتمام بالسلوكيات القابلة للملاحظة والقياس. ولا يركزون اهتمامهم على الأبنية اللغوية، والمشكلة الأساسية فى هذه المنظور هي أنه نظراً لأن الأنشطة العقلية لا يمكن أن ترى، فإنها لا يمكن أن تعرف وتقاس. فيرى السلوكيون أن الطفل يكون سلبياً خلال عملية تعلم اللغة فالطفل يبدأ الحياة بجعبة لغوية خاوية ثم يصبح الطفل مستخدما للغة في بيئته. لذلك يتفق السلوكيين جميعاً في أن البيئة هي العامل الحرج والأكثر أهمية في عملية الاكتساب، ويؤكدون على الاختلافات التي تحدث بواسطة البيئات الواسعة الاختلاف للأطفال أثناء فترة اكتساب اللغة

جوهر المذهب السلوكي للغة هو أن اللغة سلوك مثلها مثل الأنماط الأخرى للسلوك الإنساني فإنها تعلم عن طريق عملية تكوين العادة و العادة تحتوى على تلك المكونات الأساسية

الطفل يقلد الأصوات والأنماط التي يسمعها حوله

الناس تتعرف وتدرك محاولات الطفل من حيث تشابهها مع كلام البالغ وتدعم وتكافئ الأصوات عن طريق الاستحسان أو أي رد فعل محبوب آخر أو الردع. 

يحصل الطفل على مكافآت أكثر يكرر  الأصوات والأنماط، ومن هنا تصبح عادة

بهذه الطريقة يتشكل سلوك الطفل الشفهي حتى تتطابق العادات مع نماذج الشخص البالغ.

حتى يتم تحليل السلوك اللغوي تحليلاً دقيقاً يجب أن تدرس كل العوامل المؤثرة في ذلك السلوك من خلال أدوارها كمؤثرات واستجابات كل كلام منطوق – في الغالب – يتبعه استجابة لفظية وغير لفظية، فالسلوك اللغوي عند " سكنر " لا يمكن أن يدرس إلا في ضوء البيئة المحيطة بمستعملها، أي بمراقبة العوامل الخارجية، ومن هذه العوامل الخارجية عامل الشيوع أو التكرار، الذي يؤدى إلى كثرة استعمال لفظ بعينه في بيئة الطفل. فالطفل من وجهة نظر السلوكيين يقلد السلوك اللفظي في بيئته إلى حد بعيد. وهم يعطون التقليد أو التكرار أهمية عالية في تعلم اللغات ويترتب على هذا أن الكلمات والتراكيب التي تحظى بالشيوع في بيئة الطفل تلعب دوراً مؤثراً في التطور اللغوي لذلك الطفل

وتؤمن المدرسة السلوكية بـ:   

 اللغة مجموعة من العادات يتعلمها الأطفال بالتقليد والتكرار

 اللغة نظام منطوق قبل أن يكون مكتوباً.   

 البيئة[1] تلعب دوراً أساسياً في نمو اللغة

 اكتساب اللغة يتم بطرق مشابهة لتعلم الاستجابات غير اللغوية عن طريق المحاكاة، الترابط، الاشتراط، التكرار، والتدعيم

أن اللغة سلوك، والسلوك يمكن تعلمه باستثارة الأطفال لهذا السلوك

 

أما المنهج العقلي: مع ديكارت فيحرص على تبيان السنن القاعدية في النظام اللغوي بغية الوصول إلى إدراك الآلية العقلية المحركة لعمل اللغة.

وفي العصر الحديث لم تعد الدراسات اللسانية والدلالية تكتفي بالوصف السطحي للظاهرة اللغوية فحسب وإنما أدى تقاطع العلوم الحديثة "الفلسفية والاجتماعية والنفسية" إلى إثراء المنهج اللغوي المعتمد في استنباطات سنن اللغة وقواعد نظامها وبالتالي تعددت وظائف اللغة بحسب الوظيفة التواصلية، ووظائف اللغة المختلفة هي التي تتمحور في إطارها العملية الإبلاغية التي تتخذ اللغة كخطاب يؤدي الدلالة المقصودة.

02-      الدال والمدلول:

وهذه أهم القضايا الدلالية فقد كانت هذه القضية تقتصر على اللفظ والمعنى والعلاقة بينهما لكن باتساع مجال علم الدلالة أصبح الأمر يتعلق بالدال والمدلول سواء كان الدال لفظا أو غير لفظ فاللغة في النهاية ما هي إلا علاقات تربط دالا بمدلوله وهنا إشارة إلى العلامة اللغوية وغير اللغوية، ((فاللغة مجموعة من العلاقات الثنائية القائمة بين جملة العلامات المكونة لرصيد اللغة ذاتها وعندئذ نستسيغ ما دأب عليه اللسانيون من تعريف العلامة بأنها تشكل لا يستمد قيمته ولا دلالته من ذاته وإنما من طبيعة العلاقات القائمة بينه وبين سائر العلامات الأخرى)).

إن علم الدلالة يقوم على أساس تحديد العلاقة بين الدال والمدلول وهي علاقة لا يمكن ضبطها إلا إذا تعرفنا على طبيعة كل من الدال والمدلول وخواصهما فالدال اللغوي لا يحيلنا على الشيء الذي يعنيه في العالم الخارجي مباشرة وإنما مرورا بالمدلول أو المحتوى الذهني الذي يرجعنا إلى الشيء الذي تشير إليه العلامة اللسانية فالعلامات اللسانية حسب سوسير تقتضي:

-          أن تكون دالة على معنى.

-          أن تكون مستعملة في مجتمع لساني يفهمها.

-          أن تنتمي إلى نظام من العلامات اللغوية.

في هذا إشارة إلى المرجع الذي يحدد قيمة العلامة اللغوية وهو الشيء الخارجي الذي يحيلنا على المعنى وهو عالم غير لغوي قد لا يحدد بالأشياء المادية فقط فكثير من المراجع غير محسوس كالصداقة والإخلاص والوفاء... وغيرها فهذه المراجع لا نجد قيمتها الدلالية الحقيقية إلا داخل المجتمع اللغوي.

من هنا اتخذ منحى دراسة الدليل اللساني في المباحث الدلالية عدة أبعاد ترمي إلى تعميق الدراسة لرصد العلاقة التي تجمع الدال بالمدلول وأخذ علم الدلالة بالمبادئ اللسانية التي كتب لها النجاح في علم الأصوات الوظيفي، فالمدلول يتحدد بواسطة الوحدات المجاورة له وكل تغير يصيب وحدة ما من وحدات النظام يمكن أن ينعكس على مجموع أو جزء من هذا النظام، فقيمة وحدة ما هي ذات طبيعة علائقية وهذا لا ينفي على كل حال الوجود الإيجابي للمدلول كوحدة معجمية.

تهتم الدلالة بالعلامة بعناصرها الثلاث "الدال، المدلول، المرجع" لأن دراسة الأدلة ومحتوياتها ينسحب بالضرورة على المدلول والمرجع، وهذا تيسير منهجي يعتمد على تفكيك البنية الواحدة ذات المكونات المتحدة ليعيد تركيبها مرة أخرى لتكون الدراسة ذات طابع شمولي متكامل.

إذن فعلم الدلالة يُعنى بدراسة الدلالات الألسنية وعلى الأخص الجانب المعنوي من هذه الدلالات أي المدلول، والمدلول يدرس على ضوء هذا العلم من عدة جوانب:

o             الأول: العلاقات مع الأشياء التي يشير إليها ويعبر عنها من مفاهيم وعواطف ومعطيات العالم الخارجي.

o             الثاني: العلاقات التي يقيمها المدلول مع غيره من المدلولات.

o             الثالث: العلاقات التي تنشأ من السمات الأساسية التي تتكون منها المدلولات.

قد يكون للدال أكثر من مدلول يتحدد وفق السياق اللغوي وبالتالي قد يكون المعنى أساسيا أو ثانويا ، تصريحيا أو إيمائيا، وقد تتعدد هذه المعاني وفق ما يمكن أن يحدث أثناء الاستعمال، ولتصنيف المدلولات يمكن الاعتماد على عدة طرق:

§         الطريقة الشكلية: وهذا تصنيف على أساس البنية والجذر الذي يجمعها مثل: علم يعلم معلم....

§         الطريقة السياقية: تصنف حسب المعنى الذي تؤديه في السياقات المختلفة.

§         الطريقة الموضعية: تصنف حسب الموقف الكلامي الذي تؤدى فيه.

§         طريقة الحقول الدلالية: تصنف حسب القرابة الدلالية بين الكلمات.

§         طريقة التحليل المؤلفاتي: اللكسيم Lexeme مثلا: امرأة: بشر، أنثى، بالغة،...

 

03-      أنواع الدلالات:

هنا يمكن الحديث عن نوعين من الدلالة:

دلالة العلامة غير اللغوية: الإشارات والرموز، والنقوش، والرسوم،... وقد تكون وضعية أو طبيعية أو عقلية.

دلالة العلامة اللغوية: المفردات والكلمات، وقد تكون وضعية أو عقلية أو طبيعية.

وهذا المبحث من اهتمامات علم الدلالة وهو بحث في أقسام الدلالة وأنواع المعنى فمعنى الكلمة لا يتحدد فقط بالرجوع إلى القاموس اللغوي،  لذلك ميز اللغويون بين معان أهمها:

-       المعنى الأساسي: وهو معنى المفردة في المعجم.

-       المعنى الثانوي: وهو زائد على المعنى الأساسي يدرك من سياق الكلام.

-       المعنى الأسلوبي: يحدد قيم تعبيرية تخص الثقافة والاجتماع.

سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناس أفضل؟ فقال: (الصادق اللسان المخموم القلب) قالوا: هذا صادق اللسان قد عرفناه، فمن مخموم القلب؟ قال: (هو النقي الذي لا غل فيه ولا حسد، فالتفسير هو في الحديث.

-  المعنى النفسي: يعكس الدلالة النفسية للمتكلم.

مثلا قبحُ دلالة الألفاظ، فهناك ألفاظ قبيحة الدلالة يأنف الإنسان عادة من التصريح بها، فيعبر عنها بلفظ آخر.

فالقيمة الدلالية للوحدة المعجمية لا يمكن اعتبارها دلالة قارة، وإنما تخضع هذه القيمة للاستعمالات في السياقات المتعددة، فالكلام إما أن يساق ليدل على تمام معناه، وإما ليدل عن بعض معناه، وإما ليدل عن معنى خارج معناه لكنه لازم له عقلا وعرفا، فتصبح الدلالة الوضعية ثلاثة أصناف:

ü          دلالة المطابقة: ظاهر النص غالبا ما تكون في التقرير.

ü          دلالة التضمين: يستنبط من المعنى الأساسي معان ضمنية.

 أم الخبائث ( الخمر )

). يشير معنى ( أم الخبائث ) إلى مجمل القيم المعنوية التعيينية للخمر : ( العصير المسكر المستخلص من العنـب أو غيره بكيفية مخصوصة ) + كل السمات الدلالية الدينية والأخلاقية والاجتماعية لـ  "أم الخبائث .هذه السمات ذات قيمة تضمينية تحمل معلومات مختلفة عن تلك التي تحملها (الخمر) . إلا أن ما يميـز هذه المعلومات انقطاع صلتها بـ(المرجع الخارجي ) للعلامة اللغوية . إنها على صـلة بـالمتكلم وبسـياقات الاتصال اللغوية، وغير اللغوية من ثقافية واجتماعية ودينية مناسبة. أما العناصر الدلالية لها فهي على النحـو التالي:

- دال التضمين: هو حاصل دالي التعيين والتضمين .

-مدلول التضمين  : القيم الدينية والاجتماعية .

ü         دلالة الالتزام: المعنى الأساسي يستلزم معنى أو معان موازية للمعنى الأساسي.

فالدلالة اللغوية الوضعية تنعقد بتوفر اللفظ والمعنى والوضع وهو ما تواضع عليه الناس في اصطلاحهم على دلالة شيء ما، فلا يتسنى للعقل البشري من تلقاء مكوناته الفطرية ولا الثقافية أن يهتدي إلى إدراك فعل الدلالة إلا إذا ألم سلفا بمفاتيح الربط بين ماهو دال وما هو مدلول وهذا الإلمام ليس بفعل الطبيعة ولا هو من مقومات العقل الخالص ولكنه من المواضعات التي يصطنعها المجتمع.

طويل النجاد رفيع العماد                    كثير الرماد إذا ما شتا

بعيدة مهوى القرط إما لنوافل          أبوها وإما عبد شمس وهاشم

﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ٥٦ [الذاريات: 56]

﴿فَأَنجَيۡنَٰهُ وَأَهۡلَهُۥٓ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ٨٣﴾ [الأعراف: 83]

 

 

04-       التطور الدلالي:

من مباحث الدرس الدلالي البحث في أسباب تغير الدلالة وأشكاله وصوره، إذ يقصد بالتطور الدلالي تغيير الألفاظ لمعانيها، ذلك أن الألفاظ ترتبط بدلالتها ضمن علاقة  متبادلة، ويحدث التطور الدلالي كلما حدث تغير في هذه العلاقة إن الحقيقة العلمية التي لا مراء فيها اليوم هي أن كل الألسن البشرية ما دامت تُتداول  فإنها تتطور ومفهوم التطور هنا لا يحمل  شحنة معيارية لا إيجابا ولا سلبا وإنما هو مأخوذ في معنى أنها تتغير إذ يطرأ على بعض أجزاءها تبدل نسبي في الأصوات والتراكيب من جهة الدلالة على وجه الخصوص ولكن هذا التغير هو من البطء بحيث يخفى عن الحس الفردي المباشر.

يتغير المعنى لأننا نعطي اسما عن عمد لمفهوم ما من أجل غاية إدراكية أو تعبيرية، إننا نسمي الأشياء ويتغير المعنى لأن إحدى المشتركات الثانوية "معنى سياقي، قيمة تعبيرية، قيمة اجتماعية" تنزلق تدريجيا إلى المعنى الأساسي وتحل محله فيتطور المعنى.

قد يَنْشَأُ النَّاسِ عَلَى اصْطِلَاحِ قَوْمِهِم وَعَادَاتِهِمْ فِي الْأَلْفَاظِ ثُمَّ يَجِدُون تِلْكَ الْأَلْفَاظَ فِي كَلَامِ اللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ أَوْ الصَّحَابَةِ فَيَظُنُّون أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ أَوْ الصَّحَابَةِ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ مَا يُرِيدُهُ بِذَلِكَ أَهْلُ عَادَتِهِم وَاصْطِلَاحِهمِ ومن هنا يأتي الخطأ والخطر.

ولأهمية دراسة التطور الدلالي حذر أستاذ الأدب الانجليزي طلابه الذين يدرسون أدب شكسبير، فقال: "إنني لا أخشى عليكم في أدب شكسبير من تلك الألفاظ الغريبة التي لم تصادفوها في نصوص أخرى، أو لم تسمعوا بها من قبل، ولكني أخشى عليكم من تلك الألفاظ التي لا تزال شائعة بصورتها القديمة في الأدب الانجليزي والتي يخطر في أذهانكم لأول وهلة أن دلالتها مألوفة لكم جميعًا، فهي محط الزلل والخطأ؛ لأن كثيرا منها قد تطورت دلالته، وتغيرت مع الزمن، أما الأولى فأمرها هَيِّن لا تكلفكم سوى البحث عنها في مظانها والوقوف على معناها.

-       لفظ"الغُلول" مثلا، أصله، أن الرجل كان إذا اختار من المغنم شيئا غَلَّه، أي: أدخله في أضعاف متاعه وستره، فسمى الخائن غَالًّا، و ذكر اللغويون أن أصل الغلول: الخيانة عامة، ثم تخصص مدلول اللفظ بالخيانة في المغنم .

-       لفظ "الإخفاق" في الحديث: "أيما سرية غزت فأخفقت كان لها أجرها مرتين"، الإخفاق: أن يغزو فلا يغنم شيئا، وكذلك كل طالب حاجة إذا لم يقضها؛ فقد أخفق، وأصل ذلك في الغنيمة، فقد كان أصل اللفظ مستعملا في الإخفاق في الغنيمة، وهو عدم الظفر بها، ثم صار عاما في عدم الظفر بأي حاجة تطلب.

 

05-  الحقيقة والمجاز:

تتداخل البنى التعبيرية بين الحقول الدلالية وتتراوح عند الاستعمال بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي، فمرونة النظام اللغوي تسمح بهذا التداخل المستمر، لأن استعمال اللغة يقتضي تصريفا مزدوجا للألفاظ بين دلالة بالوضع الأول وهي الدلالة الحقيقية، ودلالة بالوضع الطارئ وهي دلاله مجازية، والتي تعتبر دلالة منقولة ومحولة، فكلمات اللغة في وظيفتها الدلالية متعددة الأبعاد تبعا لموقعها من البنى التركيبية ومن وراء ذلك الموقع موقف يتخذه المتكلم من أدواته التعبيرية وهو ما يجعل رصيد اللغة لا متناهيا في دلالته بحكم حركة المد والجزر الواقعة بين حقولها المعنوية طبقا لما تستوعبه الدوال.

تملك اللغة القدره على وضع أنظمة إبلاغية جديدة داخل النظام اللغوي العام فتصف نظاما من العلائق الدلالية وتبقى الصلة قائمة بين مختلف أنظمتها اللغويه فدلالة المجاز لا يمكن أن نتصورها على أنها  دلالة جديدة منفصمة عن الدلاله الحقيقية وإنما يبقى المجال الدلالي للفظ المجاز يحتفظ بخيط -مهما دق- يربطه بالمجال الدلالي للفظ الحقيقي فكل التحولات داخل نظام اللغة تبقى معقودة بنمط تواصلي يفسر ما إذا كان المجاز يراد به المستعار بعد أن تَجَوّزَ عن وضعه أم يراد به ما يَقتضي الحقيقة. 

مثلا لفظ "المجد"أصلها امتلاء بطن البعير من العلف، ثم قالوا مَجد فلان فهو ماجد، أي: امتلأ كرما، فانتقلت دلالة اللفظ من (الدلالة) على امتلاء بطن الدابة من العلف، إلى الدلالة على امتلاء الإنسان بمحامد الصفات وأحاسنها.

06-      الحقول الدلالية:

الحقول الدلالية هي إحدى نظريات تحليل المعنى، وأكثرها شيوعًا بين دارسي دلالة المعاني، ويتَّضح هذا الشيوع من خلال الكم الكبير من الأبحاث التي أُجريت معتمدةً على تلك النظرية، ويرى بعض العلماء أن هذه النظرية لم تتبلوَر إلا في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين على أيدي علماء سويسريين وألمان، وكان من أهم تطبيقاتها المبكرة دراسة للألفاظ الفكرية في اللغة الألمانية الوسيطة.

لكننا نجد في تراثنا العربي جهود علمية مرموقة تصُب في صُلب الحقول الدلالية، وقد تمثل ذلك في كتب المعاني والصفات، والتي رأَسَها كتابُ أبي عبيد القاسم بن سلام ت 224 ه  "الغريب المصنف"، وكتاب "الألفاظ"  لابن السكيت، و"أدب الكاتب" لابن قتيبة ت 267هـ، و"الألفاظ الكتابية" للهمذاني، والمخصص لابن سيده الذي يُعد من أكثر المؤلفات العربية التي تبلورت فيها فكرة الحقول الدلالية، ومثَّلتها تطبيقيًّا.

 ويعرَّف "الحقل الدلالي Semantic Field أو الحقل المعجمي Lexical Field بأنه مجموعة من الكلمات ترتبط دلالتُها، وتوضَع عادة تحت لفظ عام يجمعها.

وبهذه الطريقة يُمكن التعرف على دلالة اللفظ من خلال علاقاته بالحقل الدلالي الذي يضمُّه من جهة، وبالكلمات التي يجمعها وإياه حقلٌ دلالي واحد

﴿وَإِذۡ قُلۡتُمۡ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصۡبِرَ عَلَىٰ طَعَامٖ وَٰحِدٖ فَٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُخۡرِجۡ لَنَا مِمَّا تُنۢبِتُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۢ بَقۡلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَاۖ قَالَ أَتَسۡتَبۡدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدۡنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيۡرٌۚ ٱهۡبِطُواْ مِصۡرٗا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلۡتُمۡۗ وَضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلۡمَسۡكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ يَكۡفُرُونَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ٦١ [البقرة: 61]

نجد تعداد بعض النباتات وهي:

‌أ-           البقل : وهو ما ليس بشجر دق ولا جل، وفرق ما بين البَقْل ودق الشجر هو أن البَقْل إذا رعي لم يبق له ساق، والشجر تبقى له سوق وإن دقت.

‌ب-       القثاء : وَهُوَ اسْمٌ يطلق على الْخِيَارَ او ما شابهه ويكون جلده دقيق ورقيق.

‌ج-        الفوم : وهو " الحنطة، ويقال: الثوم ويقال لأناس: فوِّموا  لنا، أي: اخبزوا، أي أنه الحنطة.

‌د-         العدس : مِنَ الحُبوب، وَاحِدَتُهُ عَدَسَة "وهو " نبات من الفصيلة القرنيّة، ثمره حبٌّ صغير مستدير مفرطح يُعرف بالعدس الأحمر إذا كان مقشورًا، وبالعدس أبو جبَّة إذا لم يُقشر.

‌ه-        البصل : وهو " نبات حوليّ من الفصيلة الزّنبقيّة ينمو تحت الثّرى له أغصان ترتفع قليلاً فوق سطح الأرض، لبعضه طعم حرِّيف لاذِع، يُؤكل نيِّئًا ومَطْبوخًا وله فوائدُ صحِّيَّة كثيرة".



[1] البيئة في المدرسة السلوكية تؤدي دورا مهما في تشجيع الطفل على الحديث. فهي المانحة الأولى (للخبرات والمهارات والمعلومات) وهذه البيئة هي التي تهيئ الطفل (لغوياً) للدخول للمدرسة والتعامل مع أقرانه فإذا كانت لغته موازية لما لديهم من رصيد كان سهلاً عليه التعامل معهم، أما إذا كان رصيده اللغوي فقيراً عنهم فإنه يشعر بأنه أقل منهم، الأمر الذي يجعله (خجولاً) أو (منطوياً) غير منطلق في التعبير عن مشاعره وأفكاره. ... ومن هنا كان على الأهل الحرص على تطوير لغة الطفل وعدم تعليمه كلمات (مبتورة الحروف)، وعلى الآباء أن يتحدثوا مع أطفالهم بوضوح، وهدوء، وبعبارات سهلة تتناسب والمستوى العقلي لأطفالهم

ليست هناك تعليقات