الكفاية التداولية:
المقصود بالكفاية التداولية في نظرية النحو الوظيفي هو تجاوز الباحث اللساني لوصف ومحاكمة الجملة إلى القواعد التي تضمن السلامة النحوية إلى توخي ظروف وملابسات الأقوال والخطابات لإنجاح عملية التواصل،(( من المعلوم أن التنظير في اللسانيات كما في غيرها من العلوم يستلزم عدم التوقف عند مستوى الرصد والوصف المحض للحقائق موضوع الدرس ومجاوزته إلأى مستوى أعلى، مستوى تفسير هذه الوقائع)) يقدم سيمون ديك تعريفا لهذه الكفاءة: ((على النحو الوظيفي أن يستكشف خصائص العبارات اللغوية المرتبطة بكيفية استعمال هذه العبارات، وأن يتم هذا الاستكشاف في إطار علاقة هذه الخصائص بالقواعد والمبادئ التي تحكم التواصل اللغوي، يعني هذا أنه يجب ألاّ نتعامل مع العبارات اللغوية على أساس أنها موضوعات منعزلة، بل على أساس أنها وسائل يستخدمها المتكلم لإبلاغ معنى معيّن في إطار سياق تحدده العبارات السابقة، وموقف تحدده الوسائط الأساسية لموقف التخاطب)).
نتبين من هذا التعريف أن خصائص العبارات اللغوية قد تكون مرتبطة بالاستعمال، كما قد تخضع لعوامل أخرى خارجية مستقلة عنه، وهي مبادئ تحكم التواصل اللغوي ، وبالتالي فإن العملية التواصلية لا تقتضي معرفة لغوية فحسب بل تقتضي معارف أخرى عامة وآنية تخص الموقف الذي تتم فيه عملية التواصل، وهذه المعارف تشكل قدرة تواصلية تضم إلى جانب الملكة اللغوية ملكات أخرى مفهومية واجتماعية ومنطقية وحسية، ومن هنا فإن إنتاج اللغة وتفسيرها يتمان في إطار خطاب تداولي متكامل.
ومن هذا التحديد للكفاية التداولية يمكن أن نستخلص مطالب ثلاثة:
- للعبارات اللغوية بعدا قائم الذات يتمثل في خصائص معينة متميزة عن الخصائص الدلالية والتركيبية.
- هذا البعد التداولي مرتبط بالسياقين اللغوي والموقفي اللذين يرد فيهما استعمال العبارات
- على النحو الوظيفي الطامح للكفاية التداولية أن يأخذ بعين الاعتبار الخصائص التداولية للعبارات اللغوية في ارتباطها بسياق استعمالها.
وهذا يعني أن التواصل لا يتم بواسطة المعرفة اللغوية الصرف فحسب بل كذلك بواسطة تفاعل هذه المعرفة مع معارف أخرى على أساس أن القدرة التواصلية تشمل كما سبق أن بينا ملكات معرفية ومنطقية واجتماعية وإدراكية إلى جانب الملكة اللغوية، أصبح الهدف الأساسي بناء نموذج لمستعملي اللغة يوضح تكوينه وطريقة اشتغال مكوناته الرسم التالي:
الرسم ص 74 المنحى الوظيفي لأحمد المتوكل.
الرسم السابق يبين نموذج مستعملي اللغة والذي يتمثل في خمسة قوالب تتفاعل فيما بينها ويشكل كل قالب منها ملكة مستقلة من ملكات القدرة التواصلية، وهذا القالب له مبادئ خاصة به لكنه يشكل دخلا خرجا للقوالب الأخرى "الملكات الأخرى".
ليست هناك تعليقات