١- البؤرة:[1]
التعريف السائد للبؤرة يقوم أساسا
على فكرة أن وظيفة البؤرة تسند إلى المكون الحامل للمعلومة الأكثر أهمية أو الأكثر
بروزا في الجملة، أو التي يجهلها المخاطب أو يشك في صحتها أو ينكرها، وعلى هذا فهي
نوعان، من حيث الطبيعة، "بؤرة الجديد"، و"بؤرة المقابلة"، ومن
حيث المجال، "بؤرة المكوّن"، و"بؤرة الجملة".
وتنتمي المعلومات البؤرية إلى الحيز
الذي يشكل الفرق بين المعطيات الخطابية المتوفرة لدى المتكلم والمخاطب، إذ الفائدة
المرجوة من وراء إنجاز المتكلم للخطاب لا تخرج عن الفارق بين معلوماته ومعلومات
المخاطب فالبؤرة إذن تتموضع خارج الحيز المشترك للمتخاطبين.
اقترح سيمون ديك وظيفة بؤرة واحدة
تسند إلى المكون الحامل للمعلومة الجديدة فكانت وظيفة البؤرة في نموذج النحو
الوظيفي الأول مسندة إلى الجملة، غير أن أحمد المتوكل اعتبر أن النمط الواحد
للبؤرة غير كاف لرصد عديد تراكيب اللغة كون الفرق بين معلومات المتكلم والمخاطب لا
يقتصر على المعلومة الجديدة بل يشمل كذلك المعلومات غير المتطابقة بينهما لذلك ميز
بين أنماط من البؤر يمكن تفصيلها فيما يأتي:
•
بؤرة الجديد: البؤرة المسندة إلى
المكون الحامل للمعلومة التي يجهلها المخاطب، المعلومة التي لا تدخل في القاسم
الإخباري المشترك بين المتكلم والمخاطب.
•
بؤرة المقابلة: البؤرة التي تسند إلى
المكون الحامل للمعلومة التي يشك المخاطب في ورودها أو المعلومة التي ينكر المخاطب
ورودها.
•
بؤرة المكون وبؤرة الجملة: تسند كل
من بؤرة المقابلة وبؤرة الجديد إلى مكون من مكونات الجملة برمتها، فالجمل:
o
عاد زيد من السفر البارحة.
o
حدثني عمرو البارحة عن مقالته.
o
إنما رأيت البارحة زيدا.
o
عن مقالته حدثني عمرو البارحة
لا عن كتابه.
هذه الجمل تحتوي على بؤرة المكون
باعتبار أن البؤرة بؤرة جديد وبؤرة مقابلة مسندة فيها إلى مكون من مكوناتها بيد أن
الجمل:
o
عمرو عاد أخوه من السفر.
o
زيد مسافر.
o
هل عاد زيد من السفر.
o
إن زيدا مسافر.
هذه الجمل تحتوي على بؤرة جملة
باعتبار أن البؤرة مسندة فيها إلى الجملة برمتها.
للتمييز بين الجمل المحتوية على بؤرة
جديد والجمل المحتوية على بؤرة مقابلة باعتبار أن البؤرة مسندة إلى الجملة برمتها،
الجمل المسندة إليها بؤرة الجديد تشكل أجوبة طبيعية للأسئلة من نوع: ما الخبر؟ ما
الجديد؟ ماذا عندك؟ وذلك دون الجمل الحاملة لبؤرة المقابلة.
إسناد وظيفة البؤرة:
تسند الوظائف التركيبية ثم الوظائف
التداولية حسب النحو الوظيفي بواسطة تطبيق قواعد إسناد الوظائف التي تتخذ دخلا لها
البنية الحملية للجملة.
*
قابل زيد عمرا.
قابل: فعل (س1:
زيد"س2") منفذ فاعل، (س2: عمرو"س2")
متقبل مفعول.
ثم تطبق قواعد إسناد الوظائف
التداولية بمقتضى شروط مقامية فنحصل على البنية الوظيفية:
قابل: فعل (س1:
زيد"س2") منفذ فاعل محور.
(س2: عمرو"س2")
متقبل مفعول بؤرة جديد.
ويتم بناء بنية المكونات انطلاقا من
البنية الوظيفية عن طريق تطبيق قواعد التعبير"قواعد إسناد الحالات الإعرابية
وقواعد الموقعة، وقواعد إسناد النبر والتنغيم" لتصبح هذه البنية دخلا للقواعد
الصوتية[2].
ويقترح سيمون ديك شروطا لإسناد بؤرة
الجديد لأحد مكونات الجملة الاستفهامية الشروط المقامية الآتية:
-
يفترض المتكلم بالنسبة لحمل مفتوح في
س، (ø...(سي)...) أن ثمة موضوعا إذا عوضنا به (سي) يكون
الحمل (ø...(œ)...) صادقا.
-
يجهل المتكلم هوية الموضوع.
-
يفترض المتكلم أن المخاطب يعرف هوية
الموضوع.
-
يرغب المتكلم فعلا في معرفة هوية الموضوع
كي يكون الاستفهام استفهاما حقيقيا.
مثال: نأخذ الشكل العام لجملة
الاستفهام : (ø...(سي)...).
نضيف إلى الموضوع (سي)
الرمز "م" دلالة على أنه اسم استفهام ونسند إليه بؤرة جديد: (ø...(م سي)...)
بؤرة جديد.
طبقا لهذا تصبح الجملة: ماذا شرب
زيد؟ تحقيقا للبنية الوظيفية الآتية:
شرب ( س1: زيد (س1))
منفذ فاعل محور.
(م س2: ماذا (س2)) متقبل مفعول بؤرة جديد.
باعتبار الجملة المثبتة: شرب زيد
شايا جوابا للجملة الاستفهامية ماذا شرب زيد؟ يمكن للمخاطَب أن يكون الحمل الآتي:
(ø...(œ) بؤرة جديد).
إذا توفرت الشروط المقامية الآتية:
-
يلم المخاطب بالشروط المقامية.
-
يعرف المخاطب القيمة (œ) للموضوع
المستفهم عنه (سي).
-
المخاطب مستعد لإخبار المتكلم بهوية
œ.
طبقا للشكل العام: (ø...(œ) بؤرة
جديد) يتم اشتقاق الجملة:
"شرب زيد شايا" في المراحل
الآتية:
تسند الوظيفتان التركيبيتان
"الفاعل" و"المفعول" في البنية الحملية:
-
شرب فعل (س1: زيد (س1))
منفذ (س2: شاي (س2)) متقبل.
فينتج عن ذلك البنية الوظيفية:
-
شرب فعل (س1: زيد (س1))
منفذ فاعل
(س2: شاي (س2))
متقبل مفعول.
وباعتبار الشروط المقامية آنفة الذكر
متوفرة تسند الوظيفتان التداوليتان المحور وبؤرة الجديد إلى الموضوعين "س1،
س2" على التوالي وبذلك نحصل على البنية الوظيفية :
شرب فعل (س1: زيد (س1))
منفذ فاعل محور
(س2: شاي (س2))
متقبل مفعول بؤرة جديد.
٢ - المحـور:
https://lissane7.blogspot.com/2019/12/blog-post_80.html
٢ - المحـور:
https://lissane7.blogspot.com/2019/12/blog-post_80.html
[1] ) المتوكل أحمد، الوظائف التداولية
في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1985، ص
27/28/31/32.
[2] ) المتوكل أحمد، الوظائف التداولية
في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1985، ص 35.
ليست هناك تعليقات