التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

الأسلوبية والبلاغة :



هناك أوجه اتفاق كثيرة بين علم الأسلوب وعلم البلاغة كما توجد أوجه اختلاف , ولعل الوقوف على هذه الفروق يوضح لنا ويجلي مدى العلاقة والاتصال بين علم الأسلوب والبلاغة .

فأما أوجه الاتفاق فهي كما يأتي [1]:
1-     أن كلا منهما نشأ منبثقا من علم اللغة وارتبط به .
2-     أن مجالهما واحد وهو اللغة والأدب.
3-     علم الأسلوب استفاد كثيرا من مباحث البلاغة مثل علم المعاني والمجاز والبديع وما يتصل بالموازنات بين الشعراء وأساليبهم الفردية .
4-     كما أنهما يلتقيان في أهم مبدأين في الأسلوبية هما: العدول والاختيار.
5-     يرى بعض النقاد أن الأسلوبية وريثة البلاغة وهي أصل لها.
6-      تلتقي الأسلوبية مع البلاغة مي نظرية النظم , حيث لا فصل بين الشكل والمضمون كما أن النص لا يتجزأ .
7-     البلاغة تقوم على "مراعاة مقتضى الحال" والأسلوبية تعتمد على "الموقف" وواضح ما بين المصطلحين من تقارب .

أما أوجه الاختلاف فهي على النحو الآتي[2]:

1-     علم البلاغة علم لغوي قديم أما علم الأسلوب فحديث.
2-     البلاغة تدرس مسائلها بعيدا عن الزمن والبيئة أما الأسلوبية فإنها تدرس مسائلها بطريقتين :
-    طريقة أفقية . أي علاقات الظواهر بعضها ببعض في زمن واحد .
-    طريقة رأسية . أي تطور الظاهرة الواحدة على مر العصور.
3-     عندما تدرس البلاغة قيمة النص الفنية فإنها تحاول  أن تكشف مدى نجاح النص المدروس في تحقيق القيمة المنشودة , وترمي إلى إيجاد الإبداع بوصاياها التقييمية .
أما الأسلوبية فإنها تعلل الظاهرة الإبداعية بعد إثبات وجودها وإبراز خواص النص المميزة له.
4-     من حيث المادة المدروسة فالبلاغة توقفت عند الجملتين كحد أقصى في دراستها للنصوص , كما أنها تنتقي الشواهد الجيدة وتجزئها .
أما الأسلوبية فتنظر إلى الوحدة الجزئية مرتبطة بالنص الكلي وتحلل النص كاملا.
5-     البلاغة غايتها تعليمية ترتكز على التقويم , أما الأسلوبية فغايتها التشخيص والوصف للظواهر الفنية .

وبعد هذه المقارنة بين البلاغة والأسلوبية يتضح لنا أنه لا تعارض بينهما وأن الأسلوبية استفادت من البلاغة كثيرا بل إن الأسلوبية لم تنهض إلا على أكتاف البلاغة ولكنها تقدمت عليها في مجال علم اللغة الحديث ولو أن هذا التقدم لا يصعب على البلاغة أن تحوزه إذا ما استفادت من مبادئ وإجراءات علم اللغة الحديث وعلم الأسلوب والمناهج الألسنية بعامة .

بل إن البلاغة وبما تملكه من إمكانات علمية ثابتة وقواعد راسخة وما بذله لها علماء البلاغة قديما وحديثا قادرة على خلق نظرية حديثة متطورة تفوق كل النظريات السابقة إذ ما التزمت بأساسها واستفادت من التطور العلمي الحديث ويظهر هذا فيما قدمه عبد القاهر الجرجاني للبلاغة من تطور بنظريته المشهورة التي قفزت بالبلاغة إلى درجات لم تصل إليها اللغات الأخرى إلا في هذا العصر فلو وجدت البلاغة من يكمل المسير الذي سار عليه عبد القاهر لما تأخرت في هذا العصر وبقيت مرمى سهام الحاقدين على العربية وأهلها .

وإن أي علم يتخلف عن مواكبة تطور العلوم وتقدمها فإنه يتقادم ويذبل أمام بهرجة الحديث وإغراءه خاصة إذا وجد من يتبناه من الباحثين والعلماء المتمكنين .




[1] ينظر مدخل إلى علم الأسلوب , شكري عياد , ص43-49.وفي الأسلوب والأسلوبية , محمد اللويمي,ص68-70.
[2] ينظر السابق نفسه.

ليست هناك تعليقات