التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

المحاضرة الثالثة في مقياس المعجمية للسنة الثالثة ليسانس لغة للموسم 2023/2022:

المستوى: ثالثة ليسانس.    السداسي: 03.     المقياس: معجمية "محاضرة".           د. جلول تهامي.

المحاضرة الثالثة  في مقياس المعجمية للسنة الثالثة  ليسانس لغة  للموسم 2022/2023:

المدارس المعجمية:

مدرسة الترتيب الصوتي:

وتسمى مدرسة  الترتيب المخرجي، رائد هذه المدرسة هو الخليل بن أحمد الفراهيدي (100-175) ه من شيوخه: عيسى بن يعمر الثقفي، وأبو عمرو بن العلاء... وغيرهما.

معجم العين:

يمثل هذا المعجم المدرسة الصوتية المخرجية وأهم ما يميز معجم الخليل أنه جُمع عن طريق استقراء ألفاظ اللغة وتتبعها في مؤلفات السابقين ومن مشافهة الأعراب الأقحاح كما حصر المنتوج اللغوي عن طريق عملية التقليب[1] فكانت الحوصلة معجما يضم  جميع الافتراضات اللغوية.

الترتيب المخرجي للحروف المعتمدة:

لم يكن يعتمد على الترتيب الألفبائي العادي وإنما اعتمد الخليل على الحروف التي تتسلسل في الموقَعة الصوتية بعد العين، يقول أبو الفرح سلمة بن عبد الله:

يا سائلي عن حروف العين دونكها * في رتبة ضمها وزن وإحصـــــــــــــــــــــــــاءُ

العين والحـــــــــــــــــــــــــــــــــــاء ثم الهاء والخاء * والغين والقاف ثم الكاف أكفاء

والجيم والشين ثم الضـــــــــاد يتبعها * صاد وسين وزاي بعدها طـــــــــــــــــاء

والدال والتاء ثم الظاء متصـــــــــــــــــــــــل * بالظاء ذال وثاء بعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدها راء

واللام والنون ثم الفـــــــــــــــــــــــــــــــاء والباء * والميم والواو والمهمــــــــــــــــــــــــــــوز والياء

تتطلب المدرسة الصوتية معرفة علمية سبقية اهتدى إليها الفراهيدي الذي كان رياضيا منطقيا في تفكيره وهو من ذوي الذكاء و الدهاء الخارق كان من الذين عرفوا أهمية المعجم وكذا أهمية الترتيب في المعجم، فما أوجده الخليل هو القوالب العلمية، فهو من الأوائل الذين نظّروا للدراسة اللغوية في العربية، كما أن المعاجم عند الغرب ظهرت في وقت متأخر جدا فقط ما بين (1680 و 1690) م.

 

وقد رتب الخليل معجمه كما يلي:

1)      الحروف الحلقية: ع،ح، ه، غ،خ.

2)      الحروف اللهوية: ق،ك.

3)      الحروف الشجرية: ج،ش، ض.

4)      الحروف الأسلية: ص،س، ز.

5)      الحروف النطعية: ط،د، ت.

6)      الحروف اللثوية: ظ،ذ، ث.

7)      الحروف الذولقية: ر،ل، ن.

8)      الحروف الشفوية: ف،ب، م.

9)      الحروف الهوائية: و،ا، ي، ء.

يقول الخليل: ((لم أبدأ بالهمز لأنه يلحقها النقص والتغيير والحذف ولا بالألف لأنها لا تكون في ابتداء كلمة أو فعل أو اسم إلا زائدة أو مبْدلة، ولا بالهاء لأنها خفية مهموسة لا صوت لها فنزلت إلى الحيز الثاني وفيه العين والحاء فوجدت العين أنصع الحرفين فابتدأت به ليكون أحسن في التأليف، وليس العلم بتقدم شيء على شيء، لأنه كله مما يُحتاج إلى معرفته فبأيٍّ بدأت كان حسنا وأولاها بالتقديم أكثرها تصرفا))[2].

ملاحظة: لقد أثيرت شكوك حول معجم العين هل هو للخليل أم أنه تأثر باليونان، والردّ على هذا أن اليونان لم يعرفوا معجما بهذا الشكل في السابقين ولا في اللاحقين.

جوهر عمل الخليل:

قالو عن الخليل: "إن الخليل بن أحمد كان عقله أكبر من علمه"، إذ جعل الخليل من التفكير وأدواته الأسلوبية، أساسًا لمنهجه العلمي في التأليف والتصنيف، فقد كان همه الأكبر تفسير اللغة وحصر موادها حصرًا شاملا كليا، وحصر البحور الشعرية وأبياتها الموزونة المقفاة حصرًا شاملا لا تناقض فيه، وكذلك الأمر في نظام التقليبات في معجم العين الذي أنتج آلافًا من المفردات ومواد اللغة، فقد كان تفكيره في هذه العلوم تفكيرًا رياضيا كليّا وحصريًا شاملًا.

 ويظهر هذا التفكير الرياضي الحصري والمنهج العلمي في التأليف في علم العروض والدوائر العروضية إذ حصر كل الأوزان في نماذجه الافتراضية التي تتفرع عنها الأوزان المتحققة عن طريق عملية التبديل الدوراني، وهي الفكرة نفسها التي طبقها في معجم العين، عندما سعى إلى حصر كل إمكانيات اللغة، من خلال تقليبات الكلمة التي يمكن تركيبها من الحروف الهجائية، والتي كانت تتخذ من التباديل والتوافيق سبيلا للحصر.

 

س) هل معجم العين للخليل أم أنه ليس للخليل؟

هناك من قال أنه للخليل، وهناك من قال أن الفكرة للخليل والإنجاز للّيث بن المظفر، وهناك من قال أنه ليس للخليل مطلقا. 

حجه المنكرين لنسبة العين للخليل:

 الذين أنكروا نسبة العين للخليل كليا أو جزئيا احتجوا بحجج يرونها وجيهة من حيث الطرح والتدليل على ما يقولون وهي:

الحجة الأولى:

 اختفاء معجم العين منذ عصر المؤلف، فبعد أن مات الخليل لم يظهر العين إلا سنة 255 ه عندما نسخه الورّاقون[3] فقال السجستاني أنه ليس للخليل فالخليل لم يترك الكتاب في بيته ولم يعطه تلامذته فهذا التأخر في الظهور احتج به المنكرون لنسبه العين للخليل.

الحجة الثانية:

وجود فجوة بين معجم العين وثاني معجم في العربية  وهو "الجمهرة" لابن دريد 321 ه،  ويقولون أن الجمهرة نسخة من العين، ونعني بالفجوة أن بين العين والجمهرة هناك معجم الجيم وهو معجم مقسّم إلى أبواب، مرتبة على الحروف الهجائيّة، يختص كل باب بحرف بدءًا من الهمزة وانتهاء بالياء (الترتيب الهجائي الشائع)، وقد حيرت هذه التسمية كثيرًا من العلماء إذ يتبادر إلى الذهن أنه يبدأ بالجيم قياسًا على كتاب العين ولم يتوصل أحد إلى سبب هذه التسمية.

الحجة الثالثة:

لم يَذكر كتابَ العين -من بعيد أو قريب- تلميذٌ من تلامذة الخليل ولو كان سيبويه وارث علم الخليل فكان الراوي لمعجم العين واحدا وهو الليث بن المظفر الكناني.

الحجة الرابعة: شكك فيه أبو الطيب اللغوي ت 305 ه، والأزهري ت 370 ه، فالكتاب عُرف واشتهر في عصرهما.

الحجة الخامسة: استخدام الخليل لبعض المصطلحات الكوفية مع أنه أستاذ المدرسة البصرية.

الحجة السادسة: وجود ترتيب خاص لسيبويه عن طريق الصوت لم يتبع فيه في الخليل، وما يوجد من خلاف في الترتيب الصوتي  ومخارج الحروف بين العين وسيبويه يشكك في نسبة الترتيب العيني إلى الخليل، إذ يقولون أن ترتيب سيبويه منسوب إلى الخليل وأن ماسواه مختَلق غير صحيح.

الحجة السابعة: كثره الأخطاء والمآخذ التي لوحظت عبر التاريخ في نقودات النقاد لمعجم العين.

 الحجه الثامنة: النقل عن علماء متقدمين أو متأخرين عن الخليل و الاستشهاد بشعر المولدين المردول.

الحجه التاسعة: يحتجون أن النُسخ التي  لكتاب العين  كلها  مستحدَثة جديدة ولا وجود لنسخة قديمة  تستغرق الزمان الذي عايشه الخليل.

الحجه العاشرة: احتجوا أن كتاب الخليل على خلاف الكتب التي عاصرته  يخلو من السند.

 

ردّ الدكتور عبد الله درويش على هذه الحجج:

الردّ الأول: عزلة الخليل وعزوفه عن تدوين كتبه بيده هو الذي ساعد على اختفاء الكتاب حتى ظهر بعد ذلك منسوخا على يدي ورّاق من خرسان  وهو نفس مصير كتاب الجيم للشيباني أبي عمر.

وعثورهم على النسخ الحديثة لا يمكن أن يكون دليلا على عدم نسبة المعجم إلى الخليل ويرد عليه أن" أهلورات" قد عثر على قطعتين وادعى أنهما من كتاب العين ثم تبين أنهما من كتاب المحكم لابن سيده.

 

الردّ الثاني:  لو كان الجمهرة نسخة عن كتاب آخر لكان حريا به أن يكون نسخة عن الجيم للشيباني ولو كان العين نسخة أيضا لكان نسخة من الجيم فالجيم بمثابة فجوة بين الجمهرة والعين.

 

الرد الثالث:  ليس غريبا أن يرويه عنه الليثُ وحده فقد حدث هذا للجوهري وكثير من الكتب العربية  التي رواها واحد فقط ولكنها لاقت رواجا كبيرا في بيئتها ولم تستنكر ولم يشكك في نسبتها أحد.

 

 الردّ الرابع: إنكار الأزهري -وهو كثير التجريح في العلماء- لا اعتبار له وهو كثير الانتقاص من قدر الكتب التي أُلّفت قبله حتى يرفع من قيمة معجمه.

 

الرد الخامس: المصطلحات التي تبناها الكوفيون وربما وردت على لسان الخليل لا تكون انتقاصا من قيمة ما ورد عن الخليل من تأصيل وتحقيق وتدقيق، فالخلاف العلمي طبيعي، ضف إلى هذا أن استخدام الخليل أحيانا بعض المصطلحات الكوفيه في غير كتاب العين أمر يبين أن المصطلح لم يتبلور بصورة كلية إلا ما بعد الخليل حيث ثبَّتت المدارس المصطلحات.

 

الرد السادس: مسألة الخلاف الواقع في الترتيب الصوتي بين الخليل وتلميذه سيبويه لا تعتبر مقياسا للطعن فيما أنجز.

الرد السابع: الأخطاء التي زعموها ليست محققه ولا مُسلّم بها بل هي مجرد افتراضات للخطإ عند من يتناول أي عمل بالنقد والتمحيص.

 

 الرد الثامن: يقولون أنه نقل على من هو أصغر منه من معاصريه وهذا لا شيء فيه.

الردّ التاسع: نقله لم يكن منه بل كان من الطلبة والتلامذة وما وقع من أخطاء فإنما وقع في الحواشي التي أضافها الطلبة من شروح أضافوها.

الردّ العاشر:  ادعاءهم بأنه لا إسناد له غير صحيح:  فقد جاء فيه:

                        üعن عبد الله بن عائد عن الليث بن المظفر عن الخليل.

                        üعن علي بن إبراهيم القطان عن المعداني عن الليث عن الخليل.

                        üعن أبي علي الغساني عن ابن عبد البر عن عبد الوارث عن منذر بن سعيد عن ابن ولاد النحوي عن أبي الحسن بن مهدي عن أبي معاذ عن الليث عن الخليل.

 

  خلاصة ما قيل في "العين" عند ابن حويلي الأخضر ميدني:

  الرأي الأول:

يتبناه بروكلمان في الموسوعة الإسلامية وهو ينكر نسبة المعجم للخليل ويحتج باشتهار نسبة الكتاب إلى الليث بن المظفر وبالعلل التي رد عليها  الدكتور عبد الله درويش.

الرأي الثاني:

يمثله أبو علي القالي وأستاذه أبو حاتم وهو رأي توفيقي يرى أن الفكرة والتخطيط كانا للخليل أما الإنجاز والتأليف فكان لليث بن المظفر بإيعاز من الخليل في حياته، أو بلورة الفكرة بعد موته.

 الرأي الثالث:

ويتبناه ابن المعتز وأبو الطيب والنووي والزبيدي، ومن المعاصرين "أهلورات"، يقولون أن العين ابتدأه الخليل ولم يتمه فأتمه الليث بن المظفر، أو أنه ضاع وأعاده الليث من ذاكرته ويستندون في ذلك على جملة من الحكايات الأسطورية التي غالبا ما تكون من نسج الخيال.

 الرأي الرابع:

ويتبناه ابن فارس في مقاييس اللغة ويقول به الكثير من الباحثين منهم د. عبد الله درو يش، وأحمد أمين، وبطرس، البستاني، وعبد القادر المغربي، وطاهر الجزا ئري،وشاكر الفحام، وهو رأي يقول بنسبة العين إلى الخليل فكرة و كتابة. 

 

الكتب التي تأثرت بالعين:

1.      تهذيب اللغة للأزهري: ت 370 ه

 لقد أكد الدكتور عبد السلام هارون أن مقدمة التهذيب من أهم الوثائق في تاريخ التأليف المعجمي واللغوي القديم وقد استقى معجمه من أعراب البادية واعتمد على النقل والمشافهة واعتمد النقل الشفوي كثيرا وكتابه تابع للعين وقد ضخمه جدا وأبدى اهتماما بأسماء البلدان والأماكن واهتم بإيراد الشواهد والقراءات القرآنية أحيانا.

 

2.      البارع للقالي: 356 ه

كانت وفاته بقرطبة وهو أندلسي، حقق كتاب البارع الدكتور هشام الطعان وقال أن البارع هو أقدم نسخة للعين لكنه أضاف فيه بعض الأشياء وحقق الشواهد ونسبها لأصحابها ولم يحققه كله فهناك نسخه في بريطانيا ونسخه في باريس ولا توجد نسخه في العالم الإسلامي.

3.       مختصر العين للزبيدي: ت 379

  وهو صاحب "طبقات النحويين واللغويين" و"لحن العامة" وله "الاستدراك على أبنية سيبويه" وله "الواضح في العربية، وقد نظّم الزبيدي وبوّب وصحح الخطأ الذي في العين  واختصر وحذف الصيغ القياسية وقواعد وأحكام اللغة والشواهد المتراكمة وجعل كتابه مختصرا ومع أنه لم يستدرك كل شيء غير أنه أخرجه بدقة.

 

4.       المحيط للصاحب بن عباد: ت 385ه

بقي منسيا حتى قام محمد آل ياسين بتحقيق أجزائه واعتمد على نسخة بالمتحف البريطاني ونسخة بكربلاء.

 

5.       المحكم لابن سيدة: 458 ه.

وله "المخصص" و"المحكم" أصدره معهد المخطوطات بالقاهرة، الجزء الأول منه سنة 1958 ثم توا لت الأجزاء الباقية حتى اكتمل سنة 1973 ونظام "المحكم" هو نظام "العين" غير أنه جعل الهمزة مفردة على عكس الخليل الذي أدمجها مع حروف العلة وتجاهل تماما ما فعله الخليل في اعتبار الألف اللينة حرف علة واحتج بذلك على أنها ترد لأصلها مثل:

o      قال يقول قولا.

o      قال يقيل قيلولة.

 

 

 



[1] _ عدد كلمات العربية: 12.302.912

[2] من المزهر للسيوطي الجزء الأول ص 90.

[3])  الوِرَاقة : ''مُعاناة الكتب بالانتساخ والتصحيح والتجليد وسائر الأمور الكُتُبيّة والدواوين''· والوراقون أهل الحرفة.

ليست هناك تعليقات