التسمية

اللّسَانُ السّابِعissane7L

آخر المنشورات:

المحاضرة الثانية في مقياس علم الدلالة العربي "ماستر لسانيات عربية" للموسم 2023/2022:

 

المحاضرة الثانية في مقياس علم الدلالة العربي "ماستر لسانيات عربية"  للموسم 2022/2023:

المستوى: ماستر لسانيات عربية.    السداسي: 03.     المقياس: علم الدلالة العربي "محاضرة".       د. جلول تهامي.

 


علم الدلالة التاريخي وعلم الدلالة الوصفي:

حدّد "Bréal"علم الدلالة على أساس تاريخي لا وصفي بمعنى أن:

§     علم الدلالة التاريخي هو ذلك العلم الذي يدرس تغير المعنى من عصر إلى عصر أي أنه يدور حول التغيرات المعنوية أو المعنى المتغير، مثل ألفاظ: المؤمن والمسلم والكافر والمنافق.

§     وعلم الدلالة الوصفى هو ذلك العلم الذي يدرس المعنى في مرحلة معينة من مراحل تاريخ اللغة أي أنه يدور حول العلاقات المعنوية أو المعنى الثابت في زمن معين، مثل: الخاتم مأخوذ من ختم بمعنى طبع، والختام الطين الذي يختم به على الكتاب، ثم سميت الحلقة في الأصبع خاتما لأنهم كانوا يختمون بها على الكتاب،ثم أصبحت زينة وحلية لا علاقة لها بالختم.

الدرس الدلالي والتداول[1]:

نقصد هنا دراسة اللغة أثناء التلفظ بها في السياقات والمقامات المختلفة، بوصف التلفظ هو النشاط الاجتماعي للغة[2]، وذلك يتم في عملية الانتقال من الممارسة الذهنية للفكرة، إلى الممارسة الفعلية لها، والتي تحدد غرض الطرف الأول[3]، بمعنى أوضح هذه النظرية تهتم باللغة عندما تكون كلاماً محدداً، صادراً من متكلم محدد، موجهاً إلى مخاطَب محدد، في لفظ محدد، في مقام تواصلي محدد، لتحقيق غرض محدد، وهي بذلك تشترط بتوافر هذه العناصر لتحقيق الغرض المعهود من الكلام[4] .

التأويل الكافي لجمل اللغات الطبيعية يصبح متعذرا إذا إكتفينا بما تحتويه الصيغ من أخبار. و أبرز مثال على ذلك، عبارة :    "هل يمكنك أن تناولني الملح؟"

 فظاهرها يوحي إلى استفهام، و لكن دلالتها لا تشير البتة إلى ذلك، فالمقصود بها هو الطلب. و من هنا نتساءل :

كيف للمتكلم أن يقول شيئا و يقصد به شيئا آخر؟

 كيف يتم الانتقال من المعنى المصرح به إلى المعنى المراد أو المستلزم خطابيا؟

 كيف يمكن ضبط و معرفة المعنى الذي تخرج إليه صيغة معينة كالاستفهام و النداء و الطلب و الأمر؟

حينما طور سيرل نظرية أفعال الكلام[5]، التي كان لأوستين الفضل في إبرازها إلى الوجود، كان أول من تناول بالدراسة الأقوال المسمات بـ : الأفعال الكلامية غير المباشرة، لاحظ سيرل أن مثل هذه الأساليب أضحت أعرافا في لغات عديدة، و قد حاول تفسير ذلك انطلاقا من دراسة أفعال الكلام و المعلومات المشتركة بين المتكلم و المستمع، و قدرة المستمع على القيام باستنتاجات. 

فلا تكون اللغة إلا مقترنة بشكل حياة، لا لأن اللغة تواضع بين مستعمليها يتطور عبر الزمن بحسب الحاجة والمحيط، بل لأن غرض اللغة هو ذاته مؤسسة لا تنجز على انفراد ولو مرة واحدة، هذا التعالق بين اللغة والمؤسسة الاجتماعية يجعل الحالات النظرية التي يخضعها ل.فتغنشتاين للدرس ضمن اللسانيات التداولية، وما اللجوء إلى أمثلة الأوامر والأسئلة إلا لإخراج اللغة من اعتبارها وسيلة إخبار وتواصل فحسب، بينما هي فعل وعمل وممارسة اجتماعية.

تعتبر الدلالة غير معنية بأحوال الواقع ومفاهيم الصواب والخطإ بقدر ما هي معنية بمعاني القضايا والجمل وبموقف المتكلم من الكون ومن خطابه،

س) ماذا إذا عن قيمة الحقيقة؟ ما دور الصواب والخطإ في اللغة؟

س) هل يمكن تعيين دور اللغة باعتبارها علاقات دلالية بين اللغة والواقع؟

ج) لم يعد الشكل المنطقي للغة يحدد الصدق والكذب، بل لم يعد للعلاقة بين القول والواقع المكانة نفسها من النظرية الدلالية، إذ لم يعد المعنى متعلقا بالتحققية بل بنحو اللعبة اللغوية أي باستعمالها.

كانت وظيفة اللغة هي قول الأحداث لكنها أصبحت فيما بعد تشمل أشياء أخرى منها إنشائية الأعمال اللغوية[6]، لأن البحث في اللغة يجعلك تقف أمام ما يسمى "الإقرار" حيث يكتسي قيمة حقيقة، لكن ليس للاستفهام والأمر قيمة حقيقة، فلا أحد يبحث في سؤالنا: من أنتم؟ أهو  صائب أم خاطئ، وفي هذا نقد للنظرية التحققية بعلم الدلالة حيث أن معنى الجملة هو توافقها مع أحوال الأشياء في العالم وهذا التوافق يمثل قيمة الحقيقة، وبما أن الأسئلة والأوامر جمل من اللغة بدرجة الإقرار نفسها فهل سندعي أنه ليس لها معان لأن لا قيمة حقيقة لها؟

كلا، إن هذه الجمل بالذات  هي التي مثّلت أسس نظرية الأفعال الكلامية في التداولية[7] لأنه إن لم يكن لها قيمة حقيقة فلها وظيفة إنشائية تغير بموجبها وضع المخاطِب والمخاطَب.

وبهذا المعنى يكون النحو هو زمام حسابات اللغة وما نجده به ليس الانطباعات التي ترافق اللغة بل مجمل المبادلات اللسانية الحقيقية.

 متضمنات القول "الافتراض المسبق":

عند كل عملية من عمليات التواصل، ينطلق الأطراف (المتخاطبون) من معطيات أساسية معترف بها ومعروفة. وهذه الافتراضات المسبقة لا يصرح بها المتكلمون وهي تشكل خلفية التبليغ الضرورية لنجاح العملية (التبليغية). وهي محتواة في القول، سواء تلفظ بهذا المتكلم إثباتاً أو نفياً.

أغلق النافذة

لا تغلق النافذة .

يتمثل الافتراض المسبق هاهنا في كون النافذة مفتوحة .

كيف حال زوجتك؟ وأولادك؟

إن هذا يفترض بأن العلاقات القائمة بين هذين الشخصين تسمح بطرح مثل هذه الأسئلة يردّ الطرف الثاني قائلاً:

هي بخير ، شكراً ، والأطفال في عطلة.

وإذا كانت الخلفية الإخبارية غير مشتركة بين المتكلمين، فإن الطرف2 قد يتجاهل السؤال أو يدلي بالخبر الضروري أو رفض الكل:

أنا لا أعرفكم    (1)

أنا لست متزوجاً   (2)

 لقد طلقت زوجتي   (3)

إن هذه الخلفية للمعرفة غير الصريحة في صلب التخاطب قد تمسّ عالم الحياة اليومية أو العالم المتخيل (عالم الجنّ والحور) أوالعالم " العلمي" بوجه عام، لذا فإن أهمية الافتراضات المسبقة في التبليغ بيّنة وقد اعترفت صناعة تعليم اللغات Didactique بذلك مبكراً.

إن أسئلة المتعلمين واستيضاحاتهم كثيراً ما تصدر عن الرغبة في الحصول على قاعدة مشتركة من الافتراضات العميقة تكفل نجاح التخاطب.

إن سوء التفاهم غالباً ما يكون مردّه إلى العجز deficit من حيث الافتقار إلى مجموع الافتراضات المسبقة الضرورية للتبليغ، كما يمكنه أن يكون سبباً في إخفاق فعل الكلام.



[1] انبثقت التداولية في لحظة ميلادها من إرهاصات فكرية في التراث الفلسفي الجرماني (الفلسفة التحليلية-خصوصا الفيلسوف النمساوي لودفيك فيتغنشتاين Wittgenstein) ومن التراث الإنجليزي (مثل:Gardiner والسكوتلندي Reid)، ثم تواصلت مع أوستين وغرايس وسيرل، ثم سبربر/ولسون...الخ

[2] التداولية أداة معرفية لدراسة دلالات استعمال اللغة في سياق محدد ومن ذلك "قصد المتكلم"، فهي تتخذ من اللغة موقفا إبستيميا وتنظر إلى ظواهرها من زاوية جديدة مختلفة عن البنيوية والتوليدية التحويلية...

[3] التداولية لا تنظر في الوظائف النحوية للوحدات اللغوية داخل التركيب (الكلمات/المونيمات) إنما قضيتها التي تعنيها: معاني الملفوظات ومقاصد المتكلمين والمعطيات السياقية التي تخولهم ذلك، وما يُنجزه المتكلم باللغة وما يفعله بها حين استعمالها...

[4] أبرز المفاهيم التداولية: متضمنات القول، القصدية، الاستلزام الحواري، أفعال الكلام،...

[5]  الفعل اللغوي، الفعل الإنجازي، الفعل التأثيري.

[6] كان شائعاً بين فلاسفة المنطق أنّ الأقوال والعبارات الإنشائية إنّما تخلو من أيّ معنى منطقي، لأنّها لا تثبت ولا تنفي أيّ شيء حيث يتوّجب تخليص لغة المنطق ممّا يتصل بها،

[7] بلور أوستين في مجموعة من المحاضرات المنشورة بعنوان "عندما تنجز الأفعال بالأقوال" نظرية متكاملة في أفعال الكلام ينفرد فيها بالقول إنّ الأفعال السلوكية إنّما تنجز بالأقوال التعبيرية

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم أستاذ الطالبة فضيلي سارة سنةأولى ماستر الفوج 2
    عند تحليل خطاب هل يمكن الاكتفاء بمفهوم واحد أو مفهومين مثل أفعال الكلام أو يجب أن نذكر كل المفاهيم التي ذكرتها .

    ردحذف